لصورة الله وإثبات الوجهية لله تعالى - ورد مكررا في التوراة كما ينص عليه في القسم الأول من الأصحاح الخامس من سفر التكوين . . . عندما خلق الله آدم ، خلقه على صورة الله . وفسر بولس هذه الجملات الواردة في التوراة وشرحها بأن هذا التشابه بين الإنسان والرب هو في القدسية والعدالة والسيرة ، وأما الصورة فالمراد منها الصورة الواقعية للإنسان لا الصورة الظاهرية [1] . أقول : لو كان المقصود من التشابه الوارد في التوراة هو هذا المعنى الذي قاله بولس ، كان وجيها تقريبا ، وارتفعت عندئذ شبهة التجسيم والتشبيه ، ولكن وللأسف إن أولئك الذين أخذوا ذلك من التوراة وأدرجوه في الصحيحين ، أخذتهم العصبية العمياء ، فسدوا جميع أبواب التأويل والتفسير وصاروا أرأف من الأم وأحر من الجمرة ، ورووا هذه الحكاية الوهمية بكيفية بحيث يصعب ويستحيل تأويلها على معنى آخر ، كما تشاهده في الحديث الثاني : ( إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه ، فإن الله خلق آدم على صورته ) إذ أنه يدفع أدنى احتمال لأي تأويل ، ولا يبقى لك مجال في أن تعبر بالوجه بمعنى السيرة لا الصورة الظاهرية والعضو الخاص في البدن . كما أشار إليه بولس . كم كان عرض آدم ( عليه السلام ) ؟ قال العيني في شرحه على صحيح البخاري : جاء في الحديث إن طول آدم كان ستون ذراعا ، ولم يبين عرضه هنا ، وورد أن عرضه كان سبعة أذرع [2] . أقول : تدلنا عبارة العيني فضلا عن التشابه بين الإنسان وربه الذي ورد ذكره في تلكم الأحاديث أن طول آدم كان ستين ذراعا وعرضه سبعة أذرع . وهذا دليل واضح على كون هذه الأحاديث موضوعة ومختلقة ، وذلك لأن :
[1] قاموس الكتاب المقدس مادة آدم . [2] عمدة القاري 22 : 229 .