معينة تفصل بينهما بحيث لو زادت أو نقصت تلك المسافة لخرجت الرؤية عن حيز الإمكان ، والشرط الآخر هو أن يكون المرئي في مقابل الرائي ومحاذاته وبالالتفات إلى هذه الشروط والنقاط فرؤية الله تكون محالة ، وذلك لأنه لا يتحقق أي واحد من هذه الشروط بالنسبة إلى الله ، لأنه تعالى لم يكن له جهة معينة ، ومكان معين ، ليستقر فيه ، ولم يتصور أن تكون بينه تعالى وبين البشر أية محاذاة وفاصلة ومسافة ، لأن هذه المسافة والفاصلة تستلزم أن يكون الله عز وجل جسما ماديا ومتحيزا ومتعلقا بالمكان ، وهذان الأمران من المستحيلات بالنسبة إلى ذاته عز وجل . 2 - رؤية الله عز وجل بواسطة العين الباصرة لا تخلو من جهتين : إما أن تحيط الرؤية بجميع ذاته تعالى فإن هذه الإحاطة تستلزم تحديد وجود الله وحصره في مكان معين وخلو سائر النقاط منه ، لأن عين الإنسان محدودة القدرة ولا تستطيع الإحاطة بجميع الجهات . وإما أن تكون رؤيتنا إياه تعالى تتعلق بجزء من ذاته ، وإنها تدرك قسما من ذاته تعالى ، فهذه تستلزم القول بالتجزئة والتركيب في ذاته ، وكل ذلك محال بالنسبة إلى الله ، لأنه تعالى شأنه ليس محدودا بحد ولا متحيزا في مكان ، وليس له أجزاء ومركبات حتى يكون في مكان دون مكان . وأضف إلى ذلك أن المرئي - المفعول - لا بد أن يكون ذا لون حتى يكون قابلا للرؤية ، وتعليق اللونية على ذاته تعالى مستحيل كذلك [1] . الدلائل القرآنية : في القرآن الكريم آيات متعددة تنفي رؤية الله وتستحيلها ، منها : 1 - في سورة الأنعام : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف
[1] راجع شرح التجريد للعلامة الحلي ، والقوشجي وسائر المؤلفات الفلسفية والكلامية الإسلامية .