اعطه لكاتب يعنيك على عملك . ومع ذلك فلم يصبه ملل أو كسل فقد كان باذلا جهده ومواصلا عمله حتى الساعة الأخيرة من عمره وتصانيفه صنفان " الأول " ما طبع في حياته وانتشرت نسخة في الآفاق وهو " نفس الرحمان " في فضائل سيدنا سلمان طبع في ( 1285 ) و " دار السلام " فيما يتعلق بالرؤيا والمنام فرغ من تأليف بسامراء في ( 1292 ) وطبع في طهران كلا جزأيه في ( 1305 ) ضمن مجلد ضخم كبير وطبع الجزء الأول منه مستقلا مرة ثانية ذكرناه مفصلا في " الذريعة " ج 8 ص 20 و " فصل الخطاب " في مسألة تحريف الكتاب فرغ منه في النجف في " 28 - ج 2 - 1292 ) وطبع في ( 1298 ) وبعد نشره اختلف بعضهم فيه وكتب الشيخ محمود الطهراني الشهير بمعرب رسالة في الرد ( 1 ) عليه
( 1 ) ذكرنا في حرف الفاء من ( الذريعة ) - عند ذكرنا لهذا الكتاب - مرام شيخنا النوري في تأليفه لفصل الخطاب وذلك حسبما شافهنا به وسمعناه من لسانه في أواخر أيامه فإنه كان يقول : أخطأت في تسمية الكتاب وكان الأجدر أن يسمى ب ( فصل الخطاب ) في عدم تحريف الكتاب لأني أثبت فيه أن كتاب الاسلام ( القرآن الشريف ) الموجود بين الدفتين المنتشر في بقاع العالم - وحي آلهي بجميع سوره وآياته وجمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتى اليوم وقد وصل الينا المجموع الأولي بالتواتر القطعي ولا شك لاحد من الامامية فيه فبعد ذا امن الانصاف أن يقاس الموصوف بهذه الأوصاف - بالعهدين أو الأناجيل المعلومة أحوالها لدى كل خبير كما أني أهملت التصريح بمرامي في مواضع متعددة من الكتاب حتى لا تسدد نحوي سهام العتاب والملامة بل صرحت غفلة بخلافه وإنما اكتفيت بالتلميح إلى مرامي في ص 22 إذ المهم حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع بين الدفتين كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد في ص 26 واليقين بعدم البقية موقوف على دفع الاحتمالات العقلائية الستة المستلزم بقاء أحدها في الذهب لارتفاع اليقين بعدم البقية وقد أوكلت المحاكمة في بقاء أحد الاحتمالات أو انتفائه إلى من يمعن النظر فيما أدرجته في الكتاب من القرائن والمؤيدات فان انقدح في ذهنه احتمال البقية فلا يدعي جزافا القطع واليقين بعدمها وإن لم ينقدح فهو على يقين و ( ليس وراء عبادان قرية ) كما يقول المثل السائر ولا يترتب على حصول هذا اليقين ولا على عدمه حكم شرعي فلا اعتراض لاحدى الطائفتين على الأخرى . هذا ما سمعناه من قول شيخنا نفسه واما عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد في مضامين الاخبار وزنا بل يراها اخبار آحاد لا تثبت بها القرآنية بل يضرب بخصوصياتها عرض الجدار سيرة السلف الصالح من أكابر الامامية كالسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، وأمين الاسلام الطبرسي وغيرهم ، ولم يكن - العياذ بالله - يلصق شيئا منها بكرامة القرآن وان الصق ذلك بكرامة شيخنا عصره والوحيد في فنه ولم يكن جاهلا بأحوال تلك الأحاديث - كما ادعاه بعض المعاصرين - حتى يعترض عليه بأن كثيرا من رواة هذه الأحاديث ممن لا يعمل بروايته . فان شيخنا لم يورد هذه الأخبار للعمل بمضامينها بل للقصد الذي أشرنا إليه ولنا في ( هامش الذريعة ) تعليقة مبسوطة حول المبحث المعنون مسامحة بالتحريف وهي في هامش ج 3 ص 313 - 314 وأخرى في ج 10 هامش ص 78 - 79 ففيهما ما لا غنى للباحث عن الوقوف عليه والله من وراء القصد .