responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 604


لعلمهم بمواضع كلامهم ، فربما تركوا ذلك ممن هو أحسن إنصافا وألين عريكة وأحسن استماعا من أبيك حتى أن الرجل ليعاش الرجل طول عمره وبينهما الاستيناس والمودة والمفاوضة ، ولا يفرق بينهما شئ إلا الدين والحكمة ، وهو متفجع عليه ، متوجع له ، ثم لا يفضي إليه أسرار الحكمة إذ لم يره لها موضعا .
وقد بلغنا أن ملكا من الملوك كان عاقلا قريبا من الناس مصلحا لأمورهم ، حسن النظر والانصاف لهم ، وكان له وزير صدق صالح يعينه على الاصلاح ويكفيه مؤونته ويشاوره في أموره ، وكان الوزير أديبا عاقلا ، له دين وورع ونزاهة على الدنيا [1] ، وكان قد لقي أهل الدين ، وسمع كلامهم ، وعرف فضلهم ، فأجابهم و انقطع إليهم بإخائه ووده ، وكانت له من الملك منزلة حسنة وخاصة ، وكان الملك لا يكتمه شيئا من أمره ، وكان الوزير أيضا له بتلك المنزلة ، إلا أنه لم يكن ليطلعه على أمر الدين ، ولا يفاوضه أسرار الحكمة ، فعاشا بذلك زمانا طويلا ، وكان الوزير كلما دخل على الملك سجد الأصنام وعظمها وأخذ شيئا في طريق الجهالة والضلالة تقية له فأشفق الوزير على الملك من ذلك واهتم به واستشار في ذلك أصحابه وإخوانه فقالوا له : انظر لنفسك وأصحابك فإن رأيته موضعا للكلام فكلمه وفاوضه وإلا فإنك إنما تعينه على نفسك ، وتهيجه على أهل دينك ، فإن السلطان لا يغتر به ، ولا تؤمن سطوته ، فلم يزل الوزير على اهتمامه به مصافيا له ، رفيقا به رجاء أن يجد فرصة فينصحه أو يجد للكلام موضعا فيفاوضه ، وكان الملك مع ضلالته متواضعا سهلا قريبا ، حسن السيرة في رعيته ، حريصا على إصلاحهم ، متفقدا لأمورهم ، فاصطحب الوزير ( مع ) الملك على هذا برهة من زمانه .
ثم إن الملك قال للوزير ذات ليلة من الليالي بعد ما هدأت العيون : هل لك أن تركب فنسير في المدينة فننظر إلى حال الناس وآثار الأمطار التي أصابتهم في هذه الأيام ؟ فقال الوزير : نعم فركبا جميعا يجولان في نواحي المدينة فمرا في بعض الطريق



[1] في بعض النسخ " وزهادة عن الدنيا " .

604

نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 604
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست