responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 589


غيره ، ولا أردت سواه حتى لا يطمئن قلبي إلى شئ مما أنا فيه ولا أنتفع به ولا آلفه ، فخل عني وأعلمني بما تكره من ذلك وتحذره حتى أجتنبه وأوثر موافقتك ورضاك على ما سواهما .
فلما سمع الملك ذلك من ابنه علم أنه قد علم ما الذي يكرهه وأنه من حبسه وحصره لا يزيده إلا إغراء وحرصا على ما يحال بينه وبينه ، فقال : يا بني ما أردت بحصري إياك إلا أن أنحي عنك الأذى ، فلا ترى إلا ما يوافقك ولا تسمع إلا ما يسرك ، فأما إذا كان هواك في غير ذلك فإن آثر الأشياء عندي ما رضيت وهويت .
ثم أمر الملك أصحابه أن يركبوه في أحسن زينة وأن ينحوا عن طريقه كل منظر قبيح ، وأن يعدوا له المعازف والملاهي ففعلوا ذلك ، فجعل بعد ركبته تلك يكثر الركوب ، فمر ذات يوم على طريق قد غفلوا عنه فأتى على رجلين من السؤال [1] أحدهما قد تورم وذهب لحمه ، واصفر جلده ، وذهب ماء وجهه ، وسمج منظره ، والآخر أعمى يقوده قائد ، فلما رأى ذلك اقشعر منهما وسأل عنهما فقيل له : إن هذا المورم من سقم باطن ، وهذا الأعمى من زمانة ، فقال ابن الملك : وإن هذا البلاء ليصيب غير واحد ؟ قالوا : نعم فقال : هل يأمن أحد من نفسه أن يصيبه مثل هذا ؟
قالوا : لا ، وانصرف يومئذ مهموما ثقيلا محزونا باكيا مستخفا بما هو فيه من ملكه وملك أبيه فلبث بذلك أياما .
ثم ركب ركبة فأتى في مسيره على شيخ كبير قد انحنى من الكبر ، وتبدل خلقه وابيض شعره ، واسود لونه ، وتقلص جلده [2] وقصر خطوه ، فعجب منه وسأل عنه فقالوا : هذا الهرم ، فقال : وفي كم تبلغ الرجل ما أرى ؟ قالوا : في مائة سنة أو نحو ذلك ، وقال : فما وراء ذلك ؟ قالوا : الموت ، قال : فما يخلى بين الرجل وبين ما يريد من المدة ؟ قالوا : لا وليصيرن إلى هذا في قليل من الأيام ، فقال : الشهر



[1] في بعض النسخ " فأتى عليه رجلان من السؤال " .
[2] تقلص أي انضم وانزوى .

589

نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 589
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست