نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 582
وهلك ما هلك ، تجد في كل من كل خلفا ، وترضى بكل من كل بدلا ، تسكن دار كل قرن قرنا ، وتطعم سؤر كل قوم قوما ، تقعد الأراذل مكان الأفاضل ، والعجزة مكان الحزمة [1] تنقل أقواما من الجدب إلى الخصب [2] ، ومن الرجلة إلى المركب ومن البؤس إلى النعمة ، ومن الشدة إلى الرخاء ، ومن الشقاء إلى الخفض والدعة حتى إذا غمستهم في ذلك انقلبت بهم فسلبتهم الخصب ، ونزعت منهم القوة . فعادوا إلى أبأس البؤس ، وأفقر الفقر ، وأجدب الجدب . فأما قولك أيها الملك في إضاعة الأهل وتركهم فإني لم أضيعهم ، ولم أتركهم بل وصلتهم وانقطعت إليهم ، ولكني كنت وأنا أنظر بعين مسحورة لا أعرف بها الأهل من الغرباء ولا الأعداء من الأولياء ، فلما انجلى عني السحر استبدلت بالعين المسحورة عينا صحيحة ، واستبنت الأعداء من الأولياء ، والأقرباء من الغرباء ، فإذا الذين كنت أعدهم أهلين وأصدقاء وإخوانا وخلطاء إنما هو سباع ضارية [3] لا همة لهم إلا أن تأكلني وتأكل بي ، غير أن اختلاف منازلهم في ذلك على قدر القوة ، فمنهم كالأسد في شدة السورة [4] ومنهم كالذئب في الغارة والنهبة ، ومنهم كالكلب في الهرير والبصبصة ، ومنهم كالثعلب في الحيلة السرقة ، فالطرق واحدة والقلوب مختلفة . فلو أنك أيها الملك في عظيم ما أنت فيه من ملكك ، وكثرة من تبعك ومن أهلك وجنودك وحاشيتك وأهل طاعتك ، نظرت في أمرك عرفت أنك فريد وحيد ، ليس معك أحد من جميع أهل الأرض ، وذلك أنك قد عرفت أن عامة الأمم عدو لك ، وأن هذه الأمة التي أوتيت الملك عليها كثيرة الحسد [5] من أهل العداوة والغش لك الذين هم أشد عداوة لك من السباع الضارية ، وأشد حنقا عليك من كل الأمم
[1] في بعض النسخ " الفجرة مكان البررة " . [2] الجدب : القحط ، مقابل الخصب . [3] الضاري من الكلاب ما لهج بالصيد وتعود أكله . [4] السورة - بالفتح - : الحدة . [5] في بعض النسخ " الحشد " وهو الجماعة .
582
نام کتاب : كمال الدين وتمام النعمة نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 582