إذا حرمته وهو راجع إلى المنع ، والهجوم الاتيان بغتة والدخول من غير استيذان من باب طلب يعني حرم على غيرهم الدّخول على القول بما يجهلون ومنعهم عن الاقدام عليه بمجرّد الظن والرأي والقياس بقوله تعالى ( و لا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله تعالى ( ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلاّ الحقّ ) ومثله ما روي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « حق الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون » ( 1 ) وما روي عنه ( عليه السلام ) أيضاً قال لسدير : « يا سدير أفاُريكم الصادّين عن دين الله ثمَّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري وهم حلق في المسجد يعني في مسجد الحرام فقال هؤلاء الصادَّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين ، إنّ هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحداً يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله ( صلى الله عليه وآله ) » ( 2 ) . ( ومنعهم جحد ما لا يعلمون ) لأنّ عدم العلم بالشيء ليس علماً بعدمه ولا مستلزماً له فإنكاره لا يجوز عقلا ولا نقلا لقوله تعالى : ( فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وقوله تعالى : ( بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله ) ( لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه من ملمّات الظلم ومغشيات البهم ) ( 3 ) اللاّم لتعليل ما تقدّم في حقّهم : من لطف الله تعالى بهم وإكرامه عليهم وما موصولة والعائد إليه محذوف والملمّات جمع الملمّة وهي النازلة من نوازل الدّنيا وحوادثها ، والظلم جمع الظلمة والمراد بها البدعة والفتنة على سبيل الاستعارة وملمّات الظلم من باب جرد قطيفة ، والغشاوة الغطاء والإغشاء التغطية ومنه قوله تعالى ( فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) والبهم جمع البهمة بالضمّ وهي ما يوقع في الحيرة لعدم معرفة وجهه من قولهم كلام مبهم إذا لم يعرف له وجه ، والتركيب أيضاً من باب جرد قطيفة يعني فعل الله تعالى في شأن الأئمة ما فعل وأكرمهم بما ذكر وجعلهم هادي الأُمّة لما أراده الله تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه برحمته ورأفته ونجاتهم بسبب هداية الأئمة وإشراقات أنوارهم من ظلمات البدع والفتن إذا نزلت بهم ومن البهم الموجبة لحيرة عقولهم المغطية لبصائر قلوبهم إذا وردت عليهم ولما حمد الله تعالى على صفاته الذاتية والفعلية التي من جملتها بعث الرّسول ونصب الخلفاء ، أراد أن يدعو لهم أستعانة بأرواحهم المقدّسة المطهرة فيما هو بصدده وامتثالا لقوله تعالى ( يا أيها الّذين آمنوا صلّوا
1 - سيأتي في باب النهي عن القول بغير علم تحت رقم 7 من كتاب فرض العلم . 2 - رواه الكليني في كتاب الحجة باب أن الواجب على الناس بعدما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام . 3 - المراد بالمغشيات هنا الشبهات من باب الاستعارة كما أن الغطاء والغشاء مانع من رؤية ما وراه كذلك الشبهات حاجب عن رؤية الحق والطريق المحقق من مرضات الله .