responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكافي نویسنده : الشيخ الكليني    جلد : 1  صفحه : 155


< ملحق = 155 . tif > ( باب ) * ( الجبر والقدر والامر بين الامرين ) * 1 - علي بن محمد ، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمد وغيرهما رفعوه قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه [1] ، ثم قال له : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر ؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر ، فقال له الشيخ : عند الله أحتسب عنائي [2] يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : مه يا شيخ !
فوالله لقد عظم الله الاجر في مسيركم وأنتم سائرون وفي مقامكم وأنتم مقيمون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين .
فقال له الشيخ : وكيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين .
وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟ فقال له : وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما ؟ إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها .
إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا ونهى تحذيرا وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار [3] فأنشأ الشيخ يقول :
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا < / ملحق = 155 . tif >



[1] جثا يجثو جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه وقام على أطراف أصابعه . والتلعة ما ارتفع من الأرض ( في )
[2] أي منه اطلب اجر مشقتي ( في )
[3] مسألة القضاء والقدر من أقدم الأبحاث في تاريخ الاسلام ، اشتغل به المسلمون في أوائل انتشار الدعوة الاسلامية وتصادفها مع انظار الباحثين من علماء الملل والأديان ، ولما كان تعلق القضاء الحتم بالحوادث ومن بينها بالافعال الاختيارية من الانسان يوجب بحسب الانظار العامية الساذجة ارتفاع تأثير الإرادة في الفعل وكون الانسان مجبورا في فعله غير مختار ، تشعب جماعة الباحثين ( وهم قليل البضاعة في العلم يومئذ ) على الفريقين : إحديهما وهم المجبرة أثبتوا تعلق الإرادة الحتمية الإلهية بالافعال كسائر الأشياء وهو القدر وقالوا بكون الانسان مجبورا غير مختار في أفعاله والافعال مخلوقة لله تعالى وكذا أفعال سائر الأسباب التكوينية مخلوقة له . وثانيتهما وهم المفوضة أثبتوا اختيارية الافعال ونفوا تعلق الإرادة الإلهية بالافعال الانسانية فاستنتجوا كونها مخلوقة للانسان ، ثم فرع كل من الطائفتين على قولهم فروعا ولم يزالوا على ذلك حتى تراكمت هناك أقوال هناك أقوال وآراء يشمئز منها العقل السليم ، كارتفاع العلية بين الأشياء وخلق المعاصي والإرادة الجزافية ووجود الواسطة بين النفي والاثبات وكون العالم غير محتاج في بقائه إلى الصانع إلى غير ذلك من هوساتهم . والأصل في جميع ذلك عدم تفقههم في فهم تعلق الإرادة الإلهية بالافعال وغيرها والبحث فيه طويل الدليل لا يسعه المقام على ضيقه نوضح المطلب بمثل نضربه ونشير به إلى خطأ الفرقتين والصواب الذي غفلوا عنه فلنفرض انسانا اوتى سعة من المال والمنال والضياع والدار والعبيد والإماء ثم اختار واحدا من عبيده وزوجه إحدى جواريه وأعطاه من الدار والأثاث ما يرفع حوائجه المنزلية ومن المال والضياع ما يسترزق به في حياته بالكسب والتعمير ، فان قلنا : إن هذا الاعطاء لا يؤثر في تملك العبد شيئا والمولى هو المالك وملكه بجميع ما أعطاه قبل الاعطاء وبعده على السواء كان ذلك قول المجبرة وان قلنا : ان العبد صار مالكا وحيدا بعد الاعطاء وبطل به ملك المولى وإنما الامر إلى العبد يفعل ما يشاء في ملكه كان ذلك قول المفوضة وان قلنا كما هو الحق ان العبد يملك ما وهبه له المولى في ظرف ملك المولى وفى طوله لا في عرضه فالمولى هو المالك الأصلي والذي للعبد ملك في ملك ، كما أن الكتابة فعل اختياري منسوب إلى يد الانسان والى نفس الانسان ، بحيث لا يبطل إحدى النسبتين الأخرى ، كان ذلك القول الحق الذي يشير عليه السلام إليه في هذا الخبر . فقوله عليه السلام : لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب إلى قوله : وأعطى على القليل كثيرا اه‌ إشارة إلى نفى مذهب الجبر بمحاذير ذكرها ( ع ) ومعناها واضح وقوله : ولم يعص مغلوبا اه‌ . إشارة إلى نفى مذهب التفويض بمحاذيرها اللازمة فان الانسان لو كان خالقا لفعله ، كان مخالفته لما كلفه الله من الفعل غلبة منه على الله سبحانه وقوله : ولم يطع مكرها اه‌ . نفى للجبر ومقابلة للجملة السابقة فلو كان الفعل مخلوقا لله وهو الفاعل فقد أكره العبد على الإطاعة وقوله : ولم يملك مفوضا اه‌ . بالبناء للفاعل وصيغة اسم الفاعل نفى للتفويض أي لم يملك الله ما ملكه العبد من ( الفعل ؟ ) بتفويض الامر إليه وابطال ملك نفسه وقوله عليه السلام : ( ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا ) الجملتان يحتمل ان يشار بهما إلى نفى كل من الجبر والتفويض فان الافعال إذا كانت مخلوقة لله قائمة به سبحانه كان المعاد الذي هو غاية الخلقة أمرا باطلا لبطلان الثواب والعقاب إلى آخر ما ذكره ( ع ) وكان بعث الرسل لإقامة الحجة وتقدمة القيامة عبثا ولا معنى لان يقيم تعالى حجة على فعل نفسه وإذا كانت مخلوقة للانسان ولا تأثير لله فيها لزم أن تكون الخلقة لغاية لا يملكها الانسان ليس لله فيها شأن وهو العبث . واعلم أن البحث عن القضاء والقدر كانت في أول الأمر مسألة واحدة ثم تحولت ثلاث مسائل أصلية الأولى : مسألة القضاء وهو تعلق الإرادة الإلهية الحمية بكل شئ والاخبار تقضى فيها بالاثبات كما مر في الأبواب السابقة الثانية : مسألة القدر وهو ثبوت تأثير ماله تعالى في الافعال والاخبار تدل فيها أيضا على الاثبات ، الثالثة : مسألة الجبر والتفويض والاخبار تشير فيها إلى نفى كلا القولين وتثبت قولا ثالثا وهو الامر بين الامرين ، لا ملكا لله فقط من غير ملك للانسان ولا بالعكس ، بل ملكا في طول ملك وسلطنة في ظرف سلطنة . واعلم أيضا ان تسمية هؤلاء بالقدرية مأخوذة مما صح عن النبي صلى الله عليه وآله ( ان القدرية مجوس هذه الأمة الحديث ) فأخذت المجبرة تسمي المفوضة بالقدرية لأنهم ينكرون القدر ويتكلمون عليها و المفوضة تسمي المجبرة بالقدرية لأنهم يثبتون القدر والذي يتحصل من اخبار أئمة أهل البيت ( ع ) انهم يسمون كلتا الفرقتين بالقدرية ويطبقون الحديث النبوي عليهما ، أما المجبرة فلأنهم ينسبون الخير والشر والطاعة والمعصية جميعا إلى غير الانسان ، كما أن المجوس قائلون بكون فاعل الخير والشر جميعا غير الانسان وقوله ( ع ) في هذا الخبر مبنى على هذا النظر ، وأما المفوضة فلأنهم قائلون بخالقين في العالم هما الانسان بالنسبة إلى أفعاله والله سبحانه بالنسبة إلى غيرها ، كما أن المجوس قائلون باله الخير واله الشر ، وقوله عليه السلام في الروايات التالية ، لا جبر ولا قدر اه‌ ناظر إلى هذا الاعتبار . ( الطباطبائي )

155

نام کتاب : الكافي نویسنده : الشيخ الكليني    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست