( 21 ) ثُمَّ أَمَرَنَا لِيَخْتَبِرَ طَاعَتَنَا ، ونَهَانَا لِيَبْتَلِيَ شُكْرَنَا ، فَخَالَفْنَا عَنْ طَرِيقِ أَمْرِه ، ورَكِبْنَا مُتُونَ زَجْرِه ، فَلَمْ يَبْتَدِرْنَا بِعُقُوبَتِه ، ولَمْ يُعَاجِلْنَا بِنِقْمَتِه ، بَلْ تَأَنَّانَا بِرَحْمَتِه تَكَرُّماً ، وانْتَظَرَ مُرَاجَعَتَنَا بِرَأْفَتِه حِلْماً . ( 22 ) والْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا إِلَّا مِنْ فَضْلِه ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِه إِلَّا بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلَاؤُه عِنْدَنَا ، وجَلَّ إِحْسَانُه إِلَيْنَا وجَسُمَ فَضْلُه عَلَيْنَا ( 23 ) فَمَا هَكَذَا كَانَتْ سُنَّتُه فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِه ، ولَمْ يُكَلِّفْنَا إِلَّا وُسْعاً ، ولَمْ يُجَشِّمْنَا إِلَّا يُسْراً ، ولَمْ يَدَعْ لأَحَدٍ مِنَّا حُجَّةً ولَا عُذْراً .( 24 ) فَالْهَالِكُ مِنَّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْه ، والسَّعِيدُ مِنَّا مَنْ رَغِبَ إِلَيْه ( 25 ) والْحَمْدُ لِلَّه بِكُلِّ مَا حَمِدَه بِه أَدْنَى مَلَائِكَتِه إِلَيْه وأَكْرَمُ خَلِيقَتِه عَلَيْه وأَرْضَى حَامِدِيه لَدَيْه ( 26 ) حَمْداً يَفْضُلُ سَائِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنَا عَلَى جَمِيعِ خَلْقِه . ( 27 ) ثُمَّ لَه الْحَمْدُ مَكَانَ كُلِّ نِعْمَةٍ لَه عَلَيْنَا وعَلَى جَمِيعِ عِبَادِه الْمَاضِينَ والْبَاقِينَ عَدَدَ مَا أَحَاطَ بِه عِلْمُه مِنْ جَمِيعِ الأَشْيَاءِ ، ومَكَانَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَدَدُهَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً أَبَداً سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . ( 28 ) حَمْداً لَا مُنْتَهَى لِحَدِّه ، ولَا حِسَابَ لِعَدَدِه ، ولَا مَبْلَغَ لِغَايَتِه ، ولَا انْقِطَاعَ لأَمَدِه ( 29 ) حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً إِلَى طَاعَتِه وعَفْوِه ، وسَبَباً إِلَى رِضْوَانِه ، وذَرِيعَةً إِلَى مَغْفِرَتِه ، وطَرِيقاً إِلَى جَنَّتِه ، وخَفِيراً مِنْ نَقِمَتِه ، وأَمْناً مِنْ غَضَبِه ، وظَهِيراً عَلَى طَاعَتِه ، وحَاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِه ، وعَوْناً عَلَى تَأْدِيَةِ حَقِّه ووَظَائِفِه . ( 30 ) حَمْداً نَسْعَدُ بِه فِي السُّعَدَاءِ مِنْ أَوْلِيَائِه ، ونَصِيرُ بِه فِي نَظْمِ الشُّهَدَاءِ بِسُيُوفِ أَعْدَائِه ، إِنَّه وَلِيٌّ حَمِيدٌ .