لم أستسلم وقت إحسانك إلا بالأقلاع عن عصيانك ، ولم أخل في الحالات كلها من امتنانك . فهل ينفعني يا إلهي إقراري عندك بسوء ما اكتسبت ؟ وهل ينجيني منك اعترافي لك بقبيح ما ارتكبت ؟ أم أوجبت لي في مقامي هذا سخطك ؟ أم لزمني في وقت دعائي مقتك ( 5 ) ؟ سبحانك لا أيأس منك وقد فتحت لي باب التوبة إليك ، بل أقول مقال العبد الذليل الظالم لنفسه ، المستخف بحرمة ربه ، الذي عظمت ذنوبه فجلت ، وأدبرت أيامه فولت . حتى إذا رأى مدة العمل قد انقضت ، وغاية العمر قد انتهت ، وأيقن أنه لا محيص ( 6 ) له منك ، ولا مهرب له عنك . تلقاك بالإنابة ( 7 ) وأخلص لك التوبة ، فقام إليك بقلب طاهر نقي ، ثم دعاك بصوت حائل ( 8 ) خفي ، قد تطأطا لك فانحنى ، ونكس رأسه فانثنى ، قد أرعشت خشيته رجليه ، وغرقت دموعه خديه . يدعوك بيا أرحم الراحمين ، ويا أرحم من انتابه ( 9 ) المسترحمون ويا أعطف من أطاف به المستغفرون ، ويا من عفوه أكثر من نقمته ويا من رضاه أوفر من سخطه ، ويا من تحمد إلى خلقه بحسن التجاوز