وتذكرت مراتب الفهم ، وغضاضة ( 33 ) فطن العقول ، بتذكر قلب جريح ، فصدعت الدنيا عما ألتذ بنواظر فكرها من سوء الغفلة ، ومن عجب كيف يسكن إليها من يعرفها ، وقد استذهلت عقله بسكونها ! وتزين المعاذير ، وخسأت أبصارهم عن عيب ( 34 ) التدبير ، وكلما تراءت الآيات ونشرها من طي الدهر عن القرون الخالية الماضية ، وحالهم وما بهم ( 35 ) وكيف كانوا ، وما الدنيا وغرور الأيام . وهل هي إلا لوعة من ورائها * جوى قاتل أو حتف ( 36 ) نفس يسوقها وقد أغرق في ذم الدنيا الادلاء على طرق النجاة من كل عالم ، فبكت العيون شجن القلوب فيها دما ، ثم درست تلك المعالم ، فتنكرت الآثار ، وجعلت في برهة ( 37 ) من محن الدنيا ، وتفرقت ورثة الحكمة وبقيت فردا كقرن الأعضب ( 38 ) وحيدا ، أقول فلا أجد سميعا ، وأتوجع فلا أجد مشتكى . وأن أبكهم أجرض ( 39 ) وكيف تجلدي * وفي القلب مني لوعة لا أطيقها وحتى متى أتذكر حلاوة مذاق الدنيا ، وعذوبة مشارب أيامها ، وأقتفي ( 40 ) آثار المريدين ، وأتنسم أرواح الماضين ( 41 ) مع سبقهم إلى الغل والفساد ، وتخلفي عنهم في فضالة طرق الدنيا ، منقطعا من