أبعد اقتراب الأربعين تربص * وشيب القذال ( 9 ) منذ ذلك ذاعر كأنك معني ( 10 ) بما هو ضائر * لنفسك عمدا أو عن الرشد جائر انظري إلى الأمم الماضية والقرون الفانية ، والملوك العاتية كيف انتسفتهم الأيام ، فأفناهم الحمام ( 11 ) فامتحت من الدنيا آثارهم ، وبقيت فيها أخبارهم : وأضحوا رميما في التراب وأقفرت * مجالس منهم عطلت ومقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم * وأنى لسكان القبور التزاور فما أن ترى إلا جثى قد ثووا بها ( 13 ) * مسنمة تسفي ( 14 ) عليها الأعاصر كم عاينت من ذي عز وسلطان ، وجنود وأعوان ، تمكن من دنياه ونال منها مناه ، فبنى الحصون والدساكر ( 15 ) وجمع الأعلاق والذخائر : فما صرفت كف المنية إذا أتت * مبادرة تهوي إليه الذخائر ولا دفعت عنه الحصون التي بنى * وحفت بها أنهارها والدساكر ولا قارعت عنه المنية خيلة * ولا طمعت في الذب عنه العساكر أتاه من أمر الله ما لا يرد ، ونزل به من قضائه ما لا يصد ، فتعالى الملك الجبار ، المتكبر القهار ، قاصم الجبارين ، ومبير المتكبرين : مليك عزيز لا يرد قضاؤه * عليم حكيم نافذ الأمر قاهر عنا ( 16 ) كل ذي عز لعزة وجهه * فكل عزيز للمهيمن صاغر ( 17 )