سيدي كأني بنفسي قد أضجعت في قعر حفرتها ، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها ، وبكى عليها الغريب لطول غربتها ، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها ، وناداها من شفير القبر ذوو مودتها ، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها ، ولم يخف على الناظرين إليها فرط فاقتها ، ولا على من قد رآها توسدت الثرى عجز حيلتها فقلت : ملائكتي فريد نأى ( 133 ) عنه الأقربون ، وبعيد جفاه الأهلون ووحيد فارقه المال والبنون ، نزل بي قريبا ، وسكن اللحد غريبا ، وكان لي في دار الدنيا داعيا ، ولنظري له في هذا اليوم راجيا ، فتحسن عند ذلك ضيافتي ، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي . إلهي وسيدي لو أطبقت ( 134 ) ذنوبي ما بين ثرى الأرض إلى أعنان السماء ، وخرقت النجوم إلى حد الانتهاء ، ما ردني اليأس عن توقع غفرانك ، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك . سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه ، ووحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه ( 135 ) ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه ، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه ، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك ، ومن إتمامها أن توجب لي محمود جزائك . سيدي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون ، ولست أياس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون ، إلهي وسيدي انهملت بالسكب