وإنما تأنيت بهم ليفيؤا ( 10 ) إلى أمرك ، وأمهلتهم ثقة بدوام ملكك ، فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها ، ومن كان من أهل الشقاوة خذلته لها ، كلهم صائرون إلى حكمك ، وأمورهم آئلة ( 11 ) إلى أمرك ، لم يهن على طول مدتهم سلطانك ، ولم يدحض ( 12 ) لترك معاجلتهم برهانك . حجتك قائمة لا تدحض ، وسلطانك ثابت لا يزول ، فالويل الدائم لمن جنح ( 13 ) عنك ، والخيبة الخاذلة لمن خاب منك ، والشقاء الأشقى لمن اغتر بك ، ما أكثر تصرفه في عذابك ، وما أطول تردده في عقابك ، وما أبعد غايته من الفرج ، وما أقنطه من سهولة المخرج ، عدلا من قضائك لا تجور فيه ، وإنصافا من حكمك لا تحيف ( 14 ) عليه ، فقد ظاهرت ( 15 ) الحجج ، وأبليت الأعذار ( 16 ) وقد تقدمت بالوعيد ، وتلطفت في الترغيب ، وضربت الأمثال ، وأطلت الامهال ، وأخرت وأنت مستطيع للمعاجلة ، وتأنيت وأنت ملي بالمبادرة ، لم ( 17 ) تكن أناتك عجزا ، ولا إمهالك وهنا ( 18 ) ولا إمساكك غفلة ، ولا انتظارك مداراة ، بل لتكون حجتك أبلغ ، وكرمك أكمل ، وإحسانك أوفى ، ونعمتك أتم ، كل ذلك كان ولم تزل ، وهو كائن ولا تزال ، حجتك أجل من أن توصف بكلها ومجدك أرفع من أن يحد بكنهه ( 19 ) ونعمتك أكثر من أن تحصى