فيه من القرآن والنور ، وضاعفت فيه من الإيمان ، وفرضت فيه من الصيام ورغبت فيه من القيام ، وأجللت ( 18 ) فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر . ثم آثرتنا به على سائر الأمم ، واصطفيتنا بفضله دون أهل الملل فصمنا بأمرك نهاره ، وقمنا بعونك ليله متعرضين ( 19 ) بصيامه وقيامه لما عرضتنا له من رحمتك ، وتسببنا إليه من مثوبتك . وأنت الملئ بما رغب فيه إليك ، الجواد بما سئلت من فضلك القريب إلى من حاول قربك ، وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد ، وصحبنا صحبة مبرور ، وأربحنا أفضل أرباح العالمين ، ثم قد فارقنا عند تمام وقته وانقطاع مدته ، ووفاء عدده ، فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا ، وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا ، ولزمنا له الذمام ( 20 ) المحفوظ والحرمة المرعية والحق المقضي ، فنحن قائلون : السلام عليك يا شهر الله الأكبر ، ويا عيد أوليائه . السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ، ويا خير شهر في الأيام والساعات . السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ، ونشرت فيه الأعمال . السلام عليك من قرين جل قدره موجودا ، وأفجع فقده مفقودا ومرجو آلم فراقه .