فأما العاصي أمرك ، والمواقع نهيك ، فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك ، ولقد كان يستحق يا إلهي في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك ، فجميع ما أخرت عنه من وقت العذاب وأبطأت عليه من سطوات النقمة ، فترك من حقك ورضي بدون واجبك . فمن أكرم يا إلهي منك ومن أشقى ممن هلك عليك ؟ ! فتباركت ( 11 ) أن توصف إلا بالاحسان ، وكرمت أن يخالف منك إلا العدل ، لا يخشى جورك على من عصاك ، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك ، فصل على محمد وآله وهب لي منك أملي وزدني من هداك ما أصل به إلى توفيق عملي ( 12 ) إنك منان كريم . يا من لا تنقضي عجائب عظمته احجبنا عن الإلحاد في عظمتك ويا من لا تنتهي مدة ملكه أعتق رقابنا من نقمتك ، ويا من لا تفنى خزائن رحمته اجعل لنا نصيبا من رحمتك ، ويا من تنقطع دون رؤيته الأبصار أدننا من قربك ، ويا من تصغر عند خطره الأخطار كرمنا عليك ، ويا من تظهر عنده بواطن الأخبار لا تفضحنا لديك ، وأغننا عن هبة الواهبين بهبتك ، واكفنا وحشة القاطعين بصلتك حتى لا نرغب إلى أحد مع فضلك ، ولا نستوحش من أحد مع بذلك .
11 - ممن خالف أمرك يا من تباركت " خ " . 12 - التوفيق في عملي " خ " .