الراجين ، ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين ، ويا من هو منتهى خوف العابدين ، ويا من هو غاية خشية المتقين . هذا مقام من تداولته ( 1 ) أيدي الذنوب ، وقادته أزمة الخطايا ، واستحوذ عليه ( 2 ) الشيطان ، فقصر عما أمرت به تفريطا ( 3 ) وتعاطى ما نهيت عنه تغريرا ( 4 ) كالجاهل بقدرتك عليه ، أو كالمنكر فضل إحسانك إليه ، حتى إذا انفتح له بصر الهدى ، وتقشعت ( 5 ) عنه سحائب العمى ، أحصى ما ظلم به نفسه ، وفكر فيما خالف به ربه ، فرأى كثير عصيانه كثيرا ، وجليل مخالفته جليلا . فأقبل نحوك مؤملا لك ، مستحييا منك ، ووجه رغبته إليك ثقة بك ، فأمك ( 6 ) بطمعه يقينا ، وقصدك بخوفه إخلاصا . قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك ، وأفرخ روعه ( 7 ) من كل محذور منه سواك ، فمثل بين يديك متضرعا ، وغمض بصره إلى الأرض متخشعا ، وطأطأ رأسه لعزتك متذللا ، وأبثك ( 8 ) من سره ما أنت أعلم به منه خضوعا ، وعدد من ذنوبه ما أنت أحصى لها خشوعا . واستغاث بك من عظيم ما وقع به في علمك ، وقبيح ما فضحه في حكمك ، من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت ، وأقامت تبعاتها ( 9 )