وكذا الكفر والجحود والرأفة والرحمة وجعل السخط ضدّ الرضا ، والسخط هو الغضب ، فيكون السخط ضدّ الرحمة ، والغضب ضدّ الرضا أيضاً ، وجعل العدوان ضدّ القصد ، والجور ضدّ العدل ، والكبر ضدّ التواضع ، والتطاول ضد الخضوع ، والعدوان والجور واحد ، وكذا القصد والعدل ، والكبر والتطاول ، والتواضع والخضوع ، وجعل الغباوة ضدّ الفهم ، والبلادة ضدّ الشهامة ، والغباوة هي البلادة ، وجعل الإنكار ضدّ المعرفة ، والجحود ضدّ التصديق ، والمعرفة هي التصديق ، وكذا الإنكار والجحود . ووجه التفصّي عنها : أمّا عن الأوّل والثاني فما ذكره شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن [ صاحب المعالم ] طاب ثراه وهو أنّ بعض رواة هذا الحديث روى بعض ألفاظه المتقابلة بالمعنى ونقله بلفظ مرادف للفظه الأصلي ، ورواه البعض الآخر بلفظه الأصلي مع اتّفاق الكلّ على إبقاء ما يقابله على حاله ورواته بلفظه ، فحصل التكرار والزيادة ، فجمع المؤلّفون ( 1 ) بين الروايتين على أنّهما واحدة ، وأخذه المصنّف طاب ثراه من تأليفه على حاله ، فحصل التكرار والزيادة كما ترى ، فالقنوع والتوكّل بمعنى وضدّه الحرص ، وكذا الغباوة والحمق والضدّ الفهم ، وكذا السلامة والعافية والضدّ البلاء ، فرجع الجند إلى خمسة وسبعين وسلم من التكرار . وأمّا عن الثالث فهو أنّ المراد بالعقل هنا كيفيّة نفسانيّة شبيهة ( 2 ) بالعصمة ينبعث عنها الانقياد لأوامر الله سبحانه ونواهيه في أغلب الأوقات ، فهذه الكيفيّة لم يوضع لضدّها لفظ يعبّر عنه به ، ويلزم ذلك الضدّ الجهل لا محالة فعبّر به عنه ، وحيث جعل من الجند أُريد به معناه الحقيقي فسقط عنه الإيراد المذكور . وأمّا الجواب عن الرابع فهو موقوف على تفسير هذه الألفاظ التي أُدّعي اتّحاد
1 . في النسخة : " المؤلّفين " . 2 . في النسخة : " شبيه " .