لتقصير الرعيّة وتضييعهم إمام زمانهم وجهلهم به وعدم أخذهم أحكام القرآن عنه ، فإنّ منهما ما لا يدرك إلاّ به ( عليه السلام ) ، وإنّما فهم من لفظ الكتاب هنا وعرف منه ممّا يدّعى الكتاب ، أي من مفهوم يدعى الكتاب ، ويطلق عليه ويقال له : كتاب التوراة والإنجيل والفرقان وهو القرآن حال كونه كائناً فيها ، أي في هذه الثلاثة ، أي في جملتها ومنضّماً إليها في كونه معروفاً مثلها ممّا يدعى الكتاب كتاب نوح وكتاب صالح وشعيب وإبراهيم ( عليهم السلام ) ونحو ذلك من زبور داود وغيره ممّا اشتمل على شرائع الرسل ومواعظهم ، فإنّ القصر إضافيّ بالنسبة إلى الاسم الأكبر ، أي إنّما عرف من لفظ الكتاب هذه لا الاسم الأكبر الذي اختصّ بعلمه الأنبياء صلوات الله عليهم ، وإنّه المراد دونها ، وفيه التصريح بأسماء الأنبياء وأوصيائهم وتعيين أزمانهم وأنصارهم وأعدائهم فحيث اختصّ ذلك الكتاب بذلك أراد سبحانه وتعالى الإشارة إلى ذلك فأخبر سبحانه عنه بقوله : ( إِنَّ هَذَا ) ، أي ما تلوناه عليك من سورة الأعلى ممّا باطنه يشير إلى الوصيّة ، ( لَفِي الصُّحُفِ الأْولَى ) ، أي السابقة في التنزيل على الكتب المشتملة على الشرائع والأحكام ، ( صُحُفِ إِبْرَ هِيمَ وَمُوسَى ) ( 1 ) . ومن الصريح في أنّ سورة الأعلى إشارة إلى الوصيّة ما رواه علي بن إبراهيم ( قدس سره ) في تفسير سورة الأعلى مسنداً عن الأصبغ أنّه سأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاَْعْلَى ) ، فقال : " مكتوب على قائمة العرش قبل أن تخلق السماوات والأرض ( 2 ) بألفي سنة : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله ، فاشهدوا بها ( 3 ) وأنّ علياً وصيّ محمّد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " ( 4 ) . قوله ( عليه السلام ) : حتّى نزلت هذه السورة [ ص 294 ح 3 ]
1 . الأعلى ( 87 ) : 18 - 19 . 2 . في المصدر : " أن يخلق الله السماوات والأرضين " . 3 . في المصدر : " بهما " . 4 . تفسير القمّي ، ج 2 ، ص 417 .