فإن يقبلوا يصيبوا ويرشدوا [1] ، والعافية أوسع لنا ولهم . وإن يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا عن الغي فسر إليهم . وقد قدمنا إليهم العذر [2] ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق ، فوالله لهم من الله أبعد ، وعلى الله أهون ، من قوم قاتلناهم بناحية البصرة أمس ، لما أجهد لهم الحق [3] فتركوه ، ناوخناهم براكاء [4] القتال حتى بلغنا منهم ما نحب ، وبلغ الله منهم رضاه فيما يرى " . فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من أصحاب البرانس [5] المجتهدين فقال : الحمد لله حتى يرضى ، ولا إله إلا الله ربنا ، ومحمد رسول الله نبينا . إما بعد فوالله لئن كنا في شك من قتال من خالفنا ، لا يصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم ونستأنيهم . ما الأعمال إلا في تباب ، ولا السعي إلا في ضلال . والله يقول : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) . إنا والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يبتغون دمه [6] ، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم ، القليل في الإسلام حظهم ، أعوان الظلم ومسددي أساس الجور والعدوان [7] . ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ، ولا التابعين بإحسان .
[1] ح : " يصيبوا رشدهم " . [2] ح : " بالعذر " . [3] في اللسان : " أجهد لك الطريق وأجهد لك الحق : برز وظهر ووضح " . وفي الأصل " أجهدنا " والفعل لازم كما رأيت . كما رأيت . وفي ح : " لما دعوناهم إلى الحق " . [4] البراكاء ، بضم الراء وفتحها : الابتراك في الحرب ، وهو أن يجثو القوم على ركبهم . والمناوخة : مفاعلة من النوخ ، وهو البروك . وفي الأصل : " ناوحناهم " بالمهملة ، صوابه في ح . [5] البرنس ، بالضم : قلنسوة طويلة ، أو كل ثوب رأسه منه . [6] ح : " فيمن يتبعونه " . [7] ح : " وأصحاب الجور والعدوان " .