بأسيافنا دونه في ساعات الخوف بالليل والنهار [1] ، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب ، وكافرنا يحامى به عن الأصل . فأما من أسلم من قريش بعد فإنهم مما نحن فيه أخلياء ، فمنهم حليف ممنوع ، أو ذو عشيرة تدافع عنه فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف ، فهم من القتل بمكان نجوة وأمن . فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ، ثم أمر الله رسوله بالهجرة ، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين ، فكان إذا احمر البأس ودعيت نزال أقام أهل بيته فاستقدموا ، فوقى بهم أصحابه حر الأسنة والسيوف ، فقتل عبيدة [2] يوم بدر ، وحمزة يوم أحد ، وجعفر وزيد يوم مؤتة ، وأراد لله من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة ، إلا أن آجالهم عجلت ، ومنيته أخرت . والله مولى الإحسان إليهم ، والمنان عليهم ، بما قد أسلفوا من الصالحات . فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو أنصح لله في طاعة رسوله ، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربه ، ولا أصبر على اللأواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء النفر الذين سميت لك . وفي المهاجرين خير كثير نعرفه [3] ، جزاهم الله بأحسن أعمالهم . وذكرت [4] حسدي الخلفاء ، وإبطائي عنهم ، وبغيي عليهم . فأما البغي فمعاذ الله أن يكون ، وأما الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس ، لأن الله جل ذكره لما قبض نبيه
[1] في الأصل : " والليل والنهار " ، وأثبت ما في ح . [2] هو عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف . وهو أول من عقدت له راية في الإسلام . انظر الإصابة 5367 . وقد تزوج الرسول الكريم زوجته زينب بنت خزيمة بعده . انظر المعارف 59 . [3] ح ( 3 : 409 ) : " خير كثير يعرف " . [4] في الأصل : " فذكرت " صوابه بالواو ، كما في ح .