فكتب إليه علي عليه السلام : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان . أما بعد فإن أخا خولان قدم على بكتاب منك تذكر فيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أنعم الله عليه به من الهدى والوحي . والحمد لله الذي صدقه الوعد ، وتمم له النصر [1] ، ومكن له في البلاد ، وأظهره على أهل العداء [2] والشنآن ، من قومه الذين وثبوا به ، وشنفوا له [3] ، وأظهروا له التكذيب ، وبارزوه بالعداوة ، وظاهروا على إخراجه وعلى إخراج أصحابه [ وأهله ] ، وألبوا عليه العرب ، وجامعوهم على حربه ، وجهدوا في أمره كل الجهد ، وقلبوا له الأمور حتى ظهر أمر الله وهم كارهون . وكان أشد الناس عليه ألبة [4] أسرته والأدنى فالأدنى من قومه إلا من عصمه الله [5] يا ابن هند . فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا ، ولقد قدمت فأفحشت ، إذ طفقت تخبرنا عن بلاء الله تعالى في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفينا ، فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هجر ، أو كداعي مسدده إلى النضال [6] . وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم ، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام ،
[1] ح : " وأيده بالنصر " . [2] في الأصل : " العدى " تحريف . وفي ح : " العداوة " . [3] شنف له يشنف شنفا ، من باب تعب : أبغضه . وفي الحديث في إسلام أبي ذر : " فإنهم قد شنفوا له " ، أي أبغضوه . [4] الألبة : المرة من الألب ، وهو التحريض . والذي في ح : " تأليبا وتحريضا " . [5] الكلام بعد هذه إلى كلمة : " النضال " لم يرد في ح . [6] التسديد : التعليم . أي كمن يدعو من علمه النضال إلى النضال .