المدينة كتابا نذكر لهم فيه أمر عثمان ، فإما أن ندرك حاجتنا ، وإما أن يكف القوم عنا . قال عمرو : إنما نكتب إلى ثلاثة نفر : راض بعلي فلا يزيده ذلك إلا بصيرة ، أو رجل يهوى عثمان فلن نزيده على ما هو عليه ، أو رجل معتزل فلست بأوثق في نفسه من علي . قال : على ذلك . فكتبا : " أما بعد فإنه مهما غابت عنا من الأمور فلن يغيب عنا أن عليا قتل عثمان . والدليل على ذلك مكان قتلنه منه . وإنما نطلب بدمه حتى يدفعوا إلينا قتلته فنقتلهم بكتاب الله ، فإن دفعهم على إلينا كففنا عنه ، وجعلناها شورى بين المسلمين على ما جعلها عليه عمر بن الخطاب . وأما الخلافة فلسنا نطلبها ، فأعينونا على أمرنا هذا وانهضوا من ناحيتكم ، فإن أيدينا وأيديكم إذا اجتمعت على أمر واحد ، هاب على ما هو فيه . قال : فكتب إليهما عبد الله بن عمر [1] : أما بعد فلعمري لقد أخطأتما موضع البصيرة ، وتناولتماها من مكان بعيد وما زاد الله من شاك في هذا الأمر بكتابكما إلا شكا . وما أنتما والخلافة ؟ وأما أنت يا معاوية فطليق [2] ، وأما أنت يا عمرو فظنون [3] . ألا فكفا عني أنفسكما ، فليس لكما ولا لي نصير . وكتب رجل من الأنصار مع كتاب عبد الله بن عمر : معاوي إن الحق أبلج واضح * وليس بما ربصت أنت ولا عمرو
[1] في الإمامة والسياسة ( 1 : 85 ) أن صاحب الكتاب هو المسور بن مخرمة . [2] الطليق : واحد الطلقاء ، وهم " اللين " ؟ أطلقهم الرسول يوم الفتح . انظر ص 29 . وزاد في الإمامة والسياسة : " وأبوك من الأحزاب " . [3] الظنون ، بالفتح : المتهم ومن لا يوثق به . ومثله الظنين . ح : " فظنين " .