الليل رفع صوته ليسمع ابنه [1] فقال : دعوت أباك اليوم والله * دعاني إليه القوم والأمر مقبل فقلت لهم : للموت أهون جرعة * من النار فاستبقوا أخاكم أو اقتلوا فكفوا وقالوا إن سعد بن مالك * مزخرف جهل والمجهل أجهل فلما رأيت الأمر قد جد جده * وكاشفنا * يوم أغر محجل هربت بديني والحوادث جمة * وفي الأرض أمن واسع ومعول فقلت معاذ الله من شر فتنة * لها آخر لا يستقال وأول ولو كنت يوما لا محالة وافدا * تبعت عليا والهوى حيث يجعل ولكنني زاولت نفسا شحيحة * على دينها تأبى على وتبخل فأما ابن هند فالتراب بوجهه * وإن هواي عن هواه لأميل فيا عمر ارجع بالنصيحة إنني * سأصبر هذا العام والصبر أجمل فارتحل عمر وقد استبان له أمر أبيه . وقد كانت الأخبار أبطأت على معاوية ، فبعث إلى رجال من قريش من الذين كرهوا أن يعينوه في حربه : " إن الحرب قد وضعت أوزارها ، والتقى هذان الرجلان بدومة الجندل فأقدموا على " . فأتاه عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وأبو الجهم بن حذيفة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري ، وعبد الله بن صفوان الجمحي ، ورجال من قريش ، وأتاه المغيرة بن شعبة وكان مقيما بالطائف لم يشهد صفين . فقال : يا مغيرة ما ترى ؟ قال : يا معاوية ، لو وسعني أن أنصرك لنصرتك ، ولكن على أن آتيك بأمر الرجلين .