وكأن القمر أقبل من المغرب ومعه جمع عظيم ، فقال له عمر : مع أيهما كنت ؟ قال : كنت مع القمر . قال عمر : كنت مع الآية الممحوة ، [ اذهب ، ف ] لا والله لا تعمل لي عملا . فرده فشهد مع معاوية صفين وكانت راية طيئ [1] معه ، فقتل يومئذ فمر به عدي بن حاتم ، ومعه ابنه زيد بن عدي فرآه قتيلا فقال : يا أبه ، هذا والله خالي . قال : نعم ، لعن الله خالك فبئس والله المصرع مصرعه . فوقف زيد فقال : من قتل هذا الرجل - مرارا - فخرج إليه رجل من بكر بن وائل طوال يخضب ، فقال : أنا والله قتلته . قال له : كيف صنعت به [2] . فجعل يخبره ، فطعنه زيد بالرمح فقتله ، وذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها . فحمل عليه عدي يسبه ويسب أمه ويقول : يا ابن المائقة ، لست على دين محمد إن لم أدفعك إليهم . فضرب [ زيد ] فرسه فلحق بمعاوية ، فأكرمه معاوية وحمله وأدنى مجلسه ، فرفع عدي يديه فدعا عليه فقال : اللهم إن زيدا قد فارق المسلمين ، ولحق بالمحلين [3] اللهم فارمه بسهم من سهامك لا يشوي [4] - أو قال : لا يخطئ - فإن رميتك لا تنمي [5] ، لا والله لا أكلمه من رأسي [6] كلمة أبدا ، ولا يظلني وإياه سقف بيت أبدا . قال وقال زيد في قتل البكري : من مبلغ أبناء طي بأنني * ثأرت بخالي ثم لم أتأثم
[1] في الأصل : " راية على " صوابه في ح ( 1 : 194 ) . [2] في الأصل : " له " وأثبت ما في ح . [3] ح : " بالملحدين " . [4] أشوى : رمى فأصاب الشوى - وهي الأطراف - ولم يصب المقتل . [5] الإنماء : أن ترمي الصيد فيغيب عنك فيموت . والإصماء : أن ترميه فتقتله على المكان بعينه قبل أن يغيب عنه . وفي حديث ابن عباس : " كل ما أصميت ودع ما أنميت " وفي قول امرئ القيس : فهو لا تنمي رميته * ما له لا عد من نفره وفي الأصل : " لا تمنى " تحريف . وهذه العبارة ليست في ح . [6] في الأصل : " رأس " صوابه في ح ( 1 : 194 ) .