أو يدخلوا في حكمنا عليهم [1] . وقد كانت منازلة حين رضينا بالحكمين ، فرجعنا وتبنا ، فارجع أنت يا علي كما رجعنا ، وتب إلى الله كما تبنا ، وإلا برئنا منك . فقال على : ويحكم ، أبعد الرضا [ والميثاق ] العهد نرجع . أوليس الله الله تعالى قال : ( أوفوا بالعقود [2] ) ، وقال : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) . فأبى علي أن يرجع ، وأبت الخوارج إلا تضليل التحكيم والطعن فيه ، وبرئت من علي عليه السلام ، وبرئ منهم ، وقام خطيب أهل الشام حمل بن مالك بين الصفين فقال : أنشدكم الله يا أهل العراق إلا أخبرتمونا لم فارقتمونا ؟ قالوا : فارقناكم لأن الله عز وجل أحل البراءة ممن حكم بغير ما أنزل الله ، فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله ، وقد أحل عداوته وأحل دمه إن لم يرجع إلى التوبة ويبوء بالدين [3] . وزعمتم أنتم خلاف حكم الله فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله وقد أمر الله بعداوته ، وحرمتم دمه وقد أمر الله بسفكه ، فعاديناكم لأنكم حرمتم ما أحل الله ، وحللتم ما حرم الله ، وعطلتم أحكام الله واتبعتم هواكم بغير هدى من الله . قال الشامي حمل بن مالك [4] : قتلتم أخانا وخليفتنا ونحن غيب عنه ، بعد أن استتبتموه فتاب ، فعجلتم عليه فقتلتموه ، فنذكركم الله لما أنصفتم الغائب [5] المتهم لكم ، فإن قتله لو كان عن ملأ من الناس ومشورة كما كانت إمرته ، لم يحل لنا الطلب بدمه ، وإن أطيب التوبة والخير في العاقبة أن يعرف من لا حجة له الحجة عليه
[1] ح : " تحت حكمنا عليهم " . [2] من الآية الأولى في سورة المائدة . وفي الأصل : " بالعهود " تحريف . [3] يبوء : يقر ويعترف . وفي الأصل : " ويبوء بالدين " . [4] في الأصل : " حمزة بن مالك " . [5] لما ، هنا ، بمعنى إلا ، كما في قول الله : ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) .