وذكروا أن عليا أظهر أنه مصبح غدا معاوية ومناجزه ، فبلغ ذلك معاوية ، وفزع أهل الشام لذلك وانكسروا لقوله . وكان معاوية بن الضحاك ابن سفيان صاحب راية بني سليم مع معاوية ، وكان مبغضا لمعاوية [ وأهل الشام ، وله هوى مع أهل العراق وعلي بن أبي طالب عليه السلام ] ، وكان يكتب بالأخبار [1] إلى عبد الله بن الطفيل العامري ويبعث بها إلى علي عليه السلام [2] فبعث إلى عبد الله بن الطفيل : إني قائل شعرا أذعر به أهل الشام وأرغم به معاوية [3] . وكان معاوية لا يتهمه ، وكان له فضل ونجدة ولسان ، فقال ليلا ليسمع أصحابه : ألا ليت هذا الليل أطبق سرمدا * علينا وأنا لا نرى بعده غدا ويا ليته إن جاءنا بصباحه * وجدنا إلى مجرى الكواكب مصعدا حذار على إنه غير مخلف * مدى الدهر ، ما لبى الملبون ، موعدا فأما قراري في البلاد فليس لي * مقام ولو جاوزت جابلق مصعدا كأني به في الناس كاشف رأسه * على ظهر خوار الرحالة أجردا يخوض غمار الموت في مرجحنة * ينادون في نقع العجاج محمدا فوارس بدر والنضير وخيبر * وأحد يروون الصفيح المهندا ويوم حنين جالدوا عن نبيهم * فريقا من الأحزاب حتى تبددا هنالك لا تلوي عجوز على ابنها * وإن أكثرت في القول نفسي لك الفدا فقل لابن حرب ما الذي أنت صانع * أتثبت أم ندعوك في الحرب قعددا [4] وظني بأن لا يصبر القوم موقفا * يقفه وإن لم يجر في الدهر للمدى
[1] ح ( 3 : 423 ) : " بأخبار معاوية " . [2] ح : " فيخبر بها عليا عليه السلام " . [3] في الأصل : " وأذعر به معاوية " وأثبت ما في ح . [4] القعدد ، بضم القاف والدال ، وبفتح الدال أيضا : الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم .