اليمن فاختلفوا عليه ، فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي ، وهو صاحب معاذ بن جبل وختنه [1] ، وكان أفقه أهل الشام ، فقال : يا شرحبيل بن السمط ، إن الله لم يزل يزيدك خيرا مذ هاجرت إلى اليوم ، وإنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس ، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . إنه قد ألقى إلينا قتل عثمان ، وأن عليا قتل عثمان [2] ، فإن يك قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار ، وهم الحكام على الناس ، وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه ؟ لا تهلك نفسك وقومك . فإن كرهت أن يذهب بحظها جرير فسر إلى علي فبايعه على شامك وقومك [3] . فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية ، فبعث إليه عياض الثمالي [4] ، وكان ناسكا : يا شرح يا ابن السمط إنك بالغ * بود على ما تريد من الأمر [5] ويا شرح إن الشام شامك ما بها * سواك فدع قول المضلل من فهر فإن ابن حرب ناصب لك خدعة * تكون علينا مثل راغية البكر [6]
[1] عبد الرحمن بن غنم ، أحد الرجال المختلف في صحبتهم للرسول . ومات سنة 78 . انظر الإصابة 5173 و 6371 . في الأصل : " وحنثه " وإنما هي " وختنه " كما جاء في ح . [2] بدلها في ح : " إنه قد ألقى إلى معاوية أن عليا قتل عثمان ، ولهذا يريدك " . [3] ح : " عن شامك وقومك " . [4] الثمالي : نسبة إلى ثمالة ، بطن من بطونهم . وفي الأصل : " اليماني " صوابه في ح ومعجم المرزباني 269 . قال المرزباني : " شامي . يقول لشرحبيل بن السمط لما بويع معاوية . . . " وأنشد بعض أبيات القصيدة التالية . [5] شرح : مرخم شرحبيل ، وهذا بضم الشين وفتح الراء وسكون الحاء ، ولكنه سكن الراء للشعر . وفي الأصل : " شرخ " بالخاء صوابه في ح . [6] الراغية : الرغاء . والبكر ، بالفتح : ولد الناقة . انظر أمثال الميداني ( 2 : 78 ) . وهذا مثل يضرب في التشاؤم ، يشار به إلى ما كان من رغاء بكر ثمود حين عقر قدار ناقة صالح فأصاب ثمود ما أصاب . انظر ثمار القلوب 282 والمفضليات ( 2 : 195 طبع المعارف ) .