و ولايتك ، وجلهم [1] قومي وأهل بلادي ، وقد رجوت ألا يعصوني . فقال له الأشتر : لا تبعثه ودعه ، ولا تصدقه ، فوالله إني لأظن هواه هواهم ، ونيته نيتهم . فقال له على : دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا . فبعثه علي عليه السلام وقال له حين أراد أن يبعثه : إن حولي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الدين والرأي من قد رأيت ، وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك : " إنك من خير ذي يمن [2] " . ائت معاوية بكتابي ، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون وإلا فانبذ إليه [3] ، وأعلمه أني لا أرضى به أميرا ، وأن العامة لا ترضى به خليفة " . فانطلق جرير حتى أتى الشام ونزل بمعاوية ، فدخل عليه فحمد الله وأثنى عليه وقال : " أما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين [4] وأهل الحجاز ، وأهل اليمن ، وأهل مصر ، وأهل العروض وعمان ، وأهل البحرين واليمامة ، فلم يبق إلا أهل هذه الحصون التي أنت فيها ، لو سال عليها سيل من أوديته غرقها . وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل " . ودفع إليه كتاب علي بن طالب ، وفيه :
[1] ح : " فجلهم " بالفاء . [2] من خير ذي يمن : أي من خير اليمن . وفي اللسان ( 20 : 349 ) : " ويقال أتينا ذا يمن ، أي أتينا اليمن " . [3] النبذ : أن يكون بينه وبين قوم هدنة فيخاف منهم نقض العهد ، فيلقى إليهم أنه قد نقض ما بينه وبينهم قبل أن يفجأهم بالقتال . ومنه قول الله : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ) . [4] الحرمان : مكة والمدينة . والمصران : البصرة والكوفة .