ما أقبح [ والله ] ما قاتلتم اليوم [1] يا أيها الناس ، غضوا الأبصار ، وعضوا على النواجذ ، واستقبلوا القوم بهامكم ، ثم شدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، حنقا على عدوهم ، وقد وطنوا على الموت أنفسهم ، كي لا يسبقوا بثأر . إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم ، ليطفئوا السنة ، ويحيوا البدعة ، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة . فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم ، فإن الفرار فيه سلب العز ، والغلبة على الفيئ ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة ، وسخط الله وأليم عقابه . ثم قال : أيها الناس ، أخلصوا إلى مذحجا . فاجتمعت إليه مذحج ، فقال لهم : عضضتم بصم الجندل ! والله ما أرضيتم اليوم ربكم ، ولا نصحتم له في عدوه ، فكيف بذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات ، وفتيان الصباح [2] ، وفرسان الطراد ، وحتوف الأقران ، ومذحج الطعان [3] ، الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ، ولا يعرفون في موطن من المواطن بخسف وأنتم أحد أهل مصركم [4] ، وأعد حي في قومكم [5] وما تفعلوا في في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم . فاتقوا مأثور الحديث في غد [6] واصدقوا
[1] وسيأتي في ص 252 قوله : " والله ما أحسنتم اليوم القراع " . في ح : " ما فعلتم " . [2] فتيان الصباح : فتيان الغارة ، وكانوا يسمون يوم الغارة يوم الصباح . [3] في المعارف 49 والعمدة ( 2 : 156 ) : " كان يقال : مازن غسان أرباب الملوك ، وحمير أرباب العرب ، وكندة كندة الملك ، ومذحج مذحج الطعان ، وهمدان أحلاس الخيل " . [4] ح : " وأنتم سادة مصركم " . [5] أعد : أكثر عددا . وفي الحديث : " يخرج جيش من المشرق آدى شئ وأعده " أي أكثره استعدادا وعددا . وفي ح : " وأعز حي " من العزة ، وما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبري . [6] مأثور الحديث : ما يؤثر ويروى ويخبر الناس به بعضهم بعضا . وفي الأصل : " وأبقوا مآثر الحديث في غد " صوابه في ح والطبري .