لواءه ثم قال : يا حارث ، لولا أني أعلم أنك تصبر عند الموت لأخذت لوائي . منك ولم أحبك بكرامتي [1] . قال : والله يا مالك لأسرنك اليوم أو لأموتن ، فاتبعني فتقدم [ باللواء ] وهو يقول [2] : يا أشتر الخير ويا خير النخع وصاحب النصر إذا عم الفزع [3] وكاشف الأمر إذا الأمر وقع ما أنت في الحرب العوان بالجذع [4] قد جزع القوم وعموا بالجزع وجرعوا الغيظ وغصوا بالجرع إن تسقنا الماء فما هي بالبدع [5] أو نعطش اليوم فجند مقتطع [6] ما شئت خذ منها وما شئت فدع فقال الأشتر : ادن مني يا حارث . فدنا منه فقبل رأسه وقال : لا يتبع رأسه اليوم إلا خير [7] . ثم قام الأشتر يحرض أصحابه يومئذ ويقول :
[1] الحباء : ما يحبو به الرجل صاحبه ويكرمه به ، تقول : حبوته أحبوه حباء . وفي الأصل : " لم أجبك " . وفي ح : " لم أحيك " صوابهما ما أثبت . [2] القائل هو الحارث بن همام النخعي . وفي مروج الذهب ( 2 : 18 ) : " فصار يؤم الأشعث صاحب رايته ، وهو رجل من النخع ، يرتجز ويقول " . [3] في مروج الذهب : " إذا عال الفزع " . [4] الحرب العوان : التي حورب فيها مرة بعد مرة . والجذع : الصغير السن . قال الليث : " الجذع من الدواب والأنعام قبل أن يثني بسنة " . وفي الأصل : " بالخدع " ، والخدع بفتح فكسر : الكثير الخداع . ولا وجه له هنا . وأثبت ما في ح . [5] في مروج الذهب : " فما هو بالبدع " . [6] في الأصل : " فجد يقتطع " صوابه في ح . [7] الخير ، بالفتح وكسيد : الكثير الخير . في الأصل : " لا يتبع هذا اليوم إلا خيرا " وأثبت ما في ح .