وكتب إلى أمراء الخراج : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أمراء الخراج [1] . أما بعد فإنه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ولم يحرزها . ومن اتبع هواه وانقاد له على ما يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحن من النادمين . ألا وأن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره ، وإن أشقاهم من اتبع هواه . فاعتبروا واعلموا أن لكم ما قدمتم من خير ، وما سوى ذلك وددتم لو أن بينكم وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف ورحيم بالعباد . وإن عليكم ما فرطتم فيه ، وإن الذي طلبتم ليسير ، وإن ثوابه لكبير . ولو لم يكن فيما نهى عنه من الظلم والعدوان عقاب يخاف ، كان في ثوابه ما لا عذر لأحد بترك طلبته [2] فارحموا ترحموا ، ولا تعذبوا خلق الله ولا تكلفوهم فوق طاقتهم ، وأنصفوا الناس من أنفسكم ، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية . لا تتخذن حجابا ، ولا تحجبن أحدا عن حاجته حتى ينهيها إليكم . ولا تأخذوا أحدا بأحد إلا كفيلا عمن كفل عنه ، واصبروا أنفسكم على ما فيه الاغتباط ، وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير ، فإن في ذلك الندم . والسلام . وكتب إلى معاوية : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان . سلام على من اتبع الهدى ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو . أما بعد فإنك قد رأيت من الدنيا وتصرفها بأهلها وإلى ما مضى منها ، وخير ما بقي من الدنيا ما أصاب
[1] في نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد ( 4 : 115 ) : " أصحاب الخراج " . [2] الطلبة ، بالكسر : الطلب .