الصالحين الأخيار ، ليظن المسلمون بهم خيرا ، فما زالوا بذلك حتى أشركوهم في أماناتهم ، فجاهدهم ولا ترض دنية ولا خسفا ، فإن عليا لم يجب إلى الحكومة حتى غلب أمره فأجاب ، وإنهم يعلمون أنه أولى بالامر إن حكموا بالعدل ، فلما حكم بالهوى رجع إلى ما كان عليه حتى أتاه أجله ، فجاهد أعداء الله ورسوله حتى يحول الموت دونك والسلام . فلما وصل كتاب ابن عباس للحسن وقرأه ، قال : لقد نصح ابن عباس فيما يراه ، ولكن هيهات أن أخالف سنة سنها رسول الله وأمير المؤمنين بعدهما طلبا لالتماس دنيا ، فإن في الحق سعة عن الباطل ، ثم أن الحسن لما بلغه توجه معاوية إلى العراق وأنه قد بلغ جسر منبج ، تحرك وبعث حجر بن عدي ، فأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير ، ونادى مناديه الصلاة جامعة ، فأقبل الناس يجتمعون من كل جانب ومكان ، وقال الحسن : إذا اجتمعت جملة الناس فأعلمني ، فجاء سعيد بن قيس الهمداني وقال له : أخرج ، فخرج الحسن فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه ، ثم قال : أما بعد فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ، وقال لأهل الجهاد من المؤمنين ( اصبروا فإن الله مع الصابرين ) [1] فلستم تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ، وقد بلغني أن معاوية رأس المنافقين وابن عدو الله ورسوله بلغه أنا أزمعنا على المسير فتحرك لذلك ، وأنه بلغ جسر منبج ، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة ، حتى ننظر ونرى وترون . قال وانه في كلامه ليتخوف خذلان الناس عنه لما يعلم ما في قلوبهم من الميل إلى الدنيا واتباع الهوى ، قال : فسكتوا ، فما تكلم أحد منهم ولا أجابوه بحرف واحد ، فلما رأى ذلك عدي بن حاتم الطائي قام وقال : أنا ابن حاتم يا سبحان الله ما أقبح هذا المقام ، ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم ، أين