فيهم : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) [1] أيها الناس لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يلحقه الآخرون ، لقد كان يجاهد مع رسول الله فيفديه بنفسه ، ولقد كان يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى ابن مريم ، والتي توفى فيها يوشع بن نون ، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة دينار فضلت من عطاياه ، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله . ثم خنقته العبرة وبكى وبكى الناس معه ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي ابن عم محمد رسول الله ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير ، أنا من أهل البيت الذين قال الله تعالى في حقهم : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) والذي افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ) [2] فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت . فلما انتهى إلى هذا الموضع قام عبد الله بن العباس بين يديه وقال : أيها الناس هذا الحسن بن علي بن أبي طالب ابن إمامكم وابن بنت نبيكم فبايعوه . فاستجابوا لبيعته وقالوا : ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة علينا . فبايعه الناس ، ونزل عن المنبر وجلس مجلس أبيه أمير المؤمنين ( ع ) ، وذلك في يوم الجمعة يوم الحادي والعشرون من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ، فأتت إليه حبابة الوالبية ، ولقد كانت أتت أباه عليا ( ع ) في رحبة المسجد وقالت : يا
[1] سورة الأحزاب ، الآية : 33 . [2] سورة الشورى ، الآية : 23 .