ثم قال : يا سودة من هذا الذي قلت فيه هذين البيتين ؟ قالت : هو والله زوج البتول فاطمة بنت الرسول ، هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، اعلم يا معاوية أني جئته مثل مجيئي لك شاكية إليه من رجل ولاه علينا وجار فينا ، فصادفته قائما يريد الصلاة ، فعلم حين رآني أني شاكية ، فأقبل علي بوجه طلق ورحمة ورفق ، وقال لي : ألك حاجة ؟ فقلت : نعم يا مولاي . فأخبرته ، فبكى رحمة لي ، ثم قال : اللهم إنك تعلم أني لم آمره بظلم ، ثم أخرج من جيبه قطعة جلد وكتب فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ، قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ) [1] فإذا قرأت كتابي هذا فاحفظ ما عندك وما بين يديك من عملك حتى يأتي من بقبضه منك والسلام . ثم دفع إلي الكتاب وانصرف عنا معزولا ، فقال معاوية : اكتبوا لها ما تريد واصرفوها مكرمة غير شاكية . ورثاه أبو الأسود الدؤلي وقيل لغيره بهذه الأبيات : [ ألا يا عين ويحك فاسعدينا * ألا فابكي أمير المؤمنينا ] [ وابكي خير من ركب المطايا * وفارسها ومن ركب السفينا ] [ ومن لبس النعال ومن حداها * ومن قرأ المثاني والمبينا ] [ ومن صام الهجير وقام ليلا * وناجى الله رب العالمينا ] [ إماما صادقا برا تقيا * فقيها قد حوى علما ودينا ] [ شجاعا أشوسا بطلا هماما * ومقداما لآساد العرينا ] [ زكيا سيدا قرما هزبرا * حميا أروعا بطلا بطينا ] [ مضى بعد النبي فدته نفسي * أبو حسن وخير الصالحينا ] [ إذا استقبلت وجه أبي حسين * رأيت البدر راع الناظرينا ]