هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا ، قال : ورأيت زينب بنت علي ( ع ) ولم أر خفرة أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين ( ع ) قال : وقد أومت إلى الناس أن اسكتوا فقالت ( ع ) : الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطيبين الأخيار ، أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر ، أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة ، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ، ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف ، والصدر الشنف ، وملق الإماء ، وغمز الأعداء ، أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة ، ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون ، أتبكون وتنتحبون ؟ أي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا ، وأني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدره سنتكم ألا ساء ما تزرون ، وبعدا لكم وسحقا ، فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبئتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ، ويلكم يا أهل الكوفة : أتدرون أي كبد لرسول الله ( ص ) فريتم ، أي دم له سفكتم ، وأي حرمة له انتهكتم ، ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء ، سوداء ، فقماء ، خرقاء ، شوهاء ، كطلاع الأرض ، أو ملئ السماء ، أفعجبتم أن مطرت السماء دما ، ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون ، فلا يستخفنكم المهل ، فإنه لا يحفزه البدار ، ولا يخاف فوت الثار ، وإن ربكم لبالمرصاد . قال الراوي : فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ، ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته بالدموع ، وهو يقول : بأبي أنتم وأمي : كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى . قال المؤلف النقدي أعلا الله مقامه ، أقول : وهذا حذلم بن كثير من فصحاء العرب أخذه العجب من فصاحة زينب وبلاغتها ، وأخذته الدهشة من