إلى أبي بكر فأسلم وأطلقه وزوجه أخته المذكورة ، فأولدها محمد بن الأشعث وهو أحد قتلة الحسين ( ع ) ، ثم أن الذي كان يدور في خلد أمير المؤمنين ( ع ) أن يزوج بناته من أبناء إخوته ليس إلا امتثالا لقول النبي ( ص ) حين نظر إلى أولاد علي ( ع ) وجعفر وقال : بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا ، ولذلك دعا بابن أخيه عبد الله بن جعفر وشرفه بتزويج تلك الحوراء الإنسية إياه على صداق أمها فاطمة أربعمائة وثمانين درهما ، ووهبها إياه من خالص ماله ( ع ) . وذكر بعض حملة الآثار أن أمير المؤمنين ( ع ) لما زوج ابنته من ابن أخيه عبد الله بن جعفر اشترط عليه في ضمن العقد أن لا يمنعها متى أرادت السفر مع أخيها الحسين ، وكان عبد الله بن جعفر أول مولود في الاسلام بأرض الحبشة ، وكان ممن صحب رسول الله ( ص ) وحفظ حديثه ثم لازم أمير المؤمنين ( ع ) والحسين ( ع ) وأخذ منهم العلم الكثير . قال في الاستيعاب : وكان كريما ، جوادا ، ظريفا ، خليقا ، عفيفا ، سخيا ، وأخبار عبد الله بن جعفر في الكرم كثيرة ، وكان يدعوه النبي ( ص ) من أيسر بني هاشم وأغناهم ، وله في المدينة وغيرها قرى وضياع ومتاجرة عدا ما كانت تصله من الخلفاء من الأموال ، وكان بيته محط آمال المحتاجين ، وكان لا يرد سائلا قصده ، وكان يبدأ الفقير بالعطاء قبل أن يسأله فسئل عن ذلك فقال : لا أحب أن يريق ماء وجهه بالسؤال ، حتى قال فقراء المدينة بعد موته : ما كنا نعرف السؤال حتى مات عبد الله بن جعفر ، فيحق له أن يتمثل بقول الشاعر : [ نحن أناس نوالهم خضل * يرتع فيه الرجاء والأمل ] [ تجود قبل السؤال أنفسنا * خوفا على ماء وجه من يسل ] ولا زالت الصديقة زينب الكبرى سلام الله عليها في بيت زوجها عبد الله بن جعفر الجواد ، وهو من علمت ثروته ، ويساره ، وكثرة أمواله ،