متعنا الله بفوائد إحسانه وفوائد امتنانه ، وصان أنفسنا في معاونة الأوصياء لنا على الاخلاص في النية وامحاظ النصيحة ومحافظة على ما هو أبقى وأرفع ذكرا . قال : فقمت من عنده وأقفلت حامدا لله عز وجل ما هداني وأرشدني ، عالما بأن الله لم يكن ليعطل أرضه ولا ليخليها من حجة واضحة وإمام قائم ، وألقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخيا للزيادة في سائر أهل اليقين ، وتعريفا لهم بما من الله عز وجل به من إنشاء الذروة الطيبة والتربة الزكية ، وقصدت أداء الأمانة ، والتسليم لما استبان ليضاعف الله تعالى للملة الهادية والطريق المرضية قوة عزم وتأييد نية وشدة واعتقاد عصمة ( والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) [1] . وهذا الحديث قد جلا عن الصدور وعرى الشكوك والريبة ، ويكشف أستار الغيبة عن أسرار الرجوع والأوبة ، ويمكن في قلوب المؤمنين أعمدة الثبات على الايمان والتصديق والبعد عن الزلة والحوبة ، ولقد أمرضت مصيبة فقد والده ( ع ) قلوب أوليائه المؤمنين ، وطبقتها غيوم عموم الغيبة عن الأعين لاختلال الدين ، وتسليط الفاسقين والمضلين على أرباب الحق واليقين ولولا ما ندبنا إليه من التأسي بهم والصبر على مضاضة هذه اللواذع الصادرة في هذه الأيام ، لبكينا بدل الدموع دما ، وجعلنا العمر كله مأتما ، فأي مصيبة أعظم من هذه المصيبة ، وأي نائبة أعظم من هذه النائبة المنيبة ، فلقد أحدثت فينا فتنا ليس منتهى لحدها وبلايا لا يأتي الحساب على عدها ، ونسأل الله سبحانه الثبات على الايمان بأربابها ، والكون في خدمة ناصريها وأصحابها ، وأن يدير تلك الأفلاك من سماوات العدل بإيثار نوائبها ولنختم هذا الكتاب ببعض الأبيات التي حملنا الحزن والتأوه عليها والشرب من أوصابها ونعزي بها صاحب العزاء