[ فأفصح القبر عنهم حين سائلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل ] [ من بعد ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طيب الاكل قد أكلوا ] قال : فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته وبكى الحاضرون ثم دفع إلى علي ( ع ) أربعة آلاف دينار ورده إلى منزله مكرما ، فيا قاتله الله من ملعون قد تولد من سفاح ، فلم يزل ذلك اللعين يظهر الداء الدفين ليقتل ذلك السيد الأمين والله غالب على أمره فقطع الله منه الوتين . وقد روي في كتاب كشف الغمة أن المتوكل كان ديدنه ودأبه يحرص على مجالسة علي الهادي ( ع ) ، ويعرض عليه أمورا يريد أن يسقط بها وقاره ومحله من القلوب ، فإذا لم يجبه إلى ما يريد يعظم ذلك عليه ، حتى أنه وجه إلى أخيه موسى وأحضره لعله أن يرى فيه ما يسقط منه محله فيكون له في ذلك الكلام ليحتج به على الهادي ( ع ) حتى أعيته الحيلة فيه . قال الراوي : وكان يعقوب بن ياسر يقول : إن المتوكل كان يقول قد أعياني أمر ابن الرضا ( ع ) ، وإني أريد أن يشرب معي أو يناد مني لأجل أن نجد فيه فرصة في هلاكه ، فقيل له : إن لم تجد فيه ذلك فهذا أخوه موسى قصاف عراف يأكل ويشرب ويتعشق ، فقال : جيئوني به حتى نموه به على الناس ونقول له يا بن الرضا فكتب إليه وأشخصه مكرما ، فتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس حتى أنه إذا وافى أقطعه له قطيعة وبنى له فيها دارا ، وحول الخمارين والقينات إليه وفضله ودبره وجعل له منزلا سريا حتى يزوره هو فيه ، فلما وافى موسى تلقاه علي الهادي ( ع ) في قنطرة وصيف وهو موضع يتلقى فيه القادمين ، فسلم عليه ووفاه حقه ، ثم قال له : إن الرجل قد بعث إليك ليهتك عرضك ودينك ويضع من قدرك ، فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط ، فقال له : إذا دعاني إليه فما حيلتي ؟ قال : لا تضع من قدرك ولا تفعل فإنما أراد بهذا هتكك فأبى عليه فكرر عليه القول ، فلما رأى أنه لا يجيب قال له : ان هذا مجلس لا تجتمع أنت وهو فيه أبدا قال : فأقام فيه ثلاث سنين يتردد عليه كل