سرت إليه من غد وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر ، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع ثيابا غلاظا خفاتين له ولغلمانه ، ثم قال للخياط : إجمع عليها جماعة من الخياطين وأسرع من فراغها يومك ، وبكر بها إلي في هذا الوقت ثم نظر إلي وقال يا يحيى إقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم ، واعمدوا إلى الرحيل غدا في هذا الوقت ، فخرجت من عنده وأنا متعجب من الخفاتين وأقول في نفسي : نحن في تموز وحر الحجاز وإنما بيننا وبين العراق عشرة أيام ، فما يصنع بهذه الثياب ؟ والعجب من الرافضة حيث يقولون بإمامته مع فهمه هذا ، فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت فإذا الثياب قد أحضرت ، فقال لغلمانه : ادخلوا السوق وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس ، فقلت في نفسي : هذا أعجب من الأول أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى يأخذ معه اللبابيد والبرانس ، فخرجت معه وأنا أستضعف فهمه فسافرنا حتى وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت فيه المناظرة في القبور ، فارتفعت سحابة سوداء واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور ، وقد شد ( ع ) على نفسه وغلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه : ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب لبادة وبرنسا ، وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانون رجلا ، وزالت ورجع الحر كما كان ، فقال لي : يا يحيى أنزل من بقي من أصحابك ليدفنوا من مات منهم ، ثم قال ( ع ) : هكذا يملي الله البرية قبورا ، قال : فرميت نفسي من على دابتي وعدوت إليه ، فقبلت ركابه ورجليه وقلت : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنكم خلفاء الله في أرضه ، وقد كنت كافرا ، والآن قد أسلمت على يديك يا مولاي ، قال يحيى : فلزمت خدمته حتى مضى صلوات الله عليه . وفيه عن زرافة صاحب المتوكل أنه قال : وقع مشعبث ناحية الهند إلى المتوكل يلعب بالحق ولم ير مثله ، وكان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد ( ع ) فقال لذلك الرجل إن أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زاكية ، قال :