فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي الغاسل ، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى ( ع ) لغسله ابنه ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفي ، فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني فضعني على نعشي واحملني ، فإذا أراد أن يحفر قبري فإنه سيجعل قبر أبيه هارون قبلة قبري ولن يكن ذلك فإذا ضربت المعاول تثبت عن الأرض ولم ينحفر لهم ولا مثل قلامة ظفر ، فإذا اجتهدوا في ذلك صعب عليهم فقل لهم عني : إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون فإذا ضربت به في الأرض فينفذ إلى قبر محفور وضريح قائم ، فإذا انفرج القبر فلا تنزل إليه حتى يفور من الضريح ماء أبيض فيملأ القبر حتى يصير ذلك الماء مع وجه الأرض ثم يضطرب فيه حوت بطوله ، فإذا اضطرب فلا تنزل حتى إذا غاب الحوت وغار الماء فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح ولا تتركهم يأتون بتراب يلقونه علي فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلي ، قال : فقلت : نعم يا سيدي ثم قال لي : احفظ ما عهدت إليك واعمل به ولا تخالف قلت : أعوذ بالله أن أخالف لك أمرا يا سيدي ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبة على المقلاة لا يعلم ما في نفسي إلا الله تعالى . أقول وحق لهرثمة وجميع من سواه ممن يتوالى الإمام ( ع ) ويهواه أن تسيل بالدموع عيناه ، وأن تتقطع بجراحات الحزن أمعاءه ، وتحرق بنيران الوجد أحشاه ، تأسيا بإمامه ( ع ) ومولاه ، فإن من شروط الموالاة المواساة وفقنا الله لما يحبه ويرضاه . فلما كان ذلك اليوم المشؤوم على الاسلام ، والوقت الذي شب في قلوب المؤمنين الضرم ، استدعى المأمون عليه وعلى آبائه وأبنائه أفضل الصلاة والسلام كما هي العادة بينه وبين ذلك الامام في أكثر الأيام . وفي خبر أبي الصلت الهروي استدعاه فقال ( ع ) : إني ماض إلى هذا