لصلاة الفجر فهذا دأبه مذ حول إلي ، فقلت : اتق الله لا تحدث في أمره حديثا يكون فيه زوال النعم وقد تعلم أنه لم يفعل أحد بهم سوءا إلا تكون نعمته زائلة ، فقال : قد أرسلوا إلى غير مرة يأمروني بقتله فلم أجبهم إلى ما سألوني . فلما كان بعد ذلك حول إلى الفضل بن يحيى البرمكي فحبس عنده أياما ، فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كل يوم مائدة حتى مضى ثلاثة أيام بلياليها ، فلما كانت الليلة الرابعة قدمت إليه مائدة الفضل بن يحيى فرفع يده إلى السماء وقال : يا رب إنك تعلم لو أكلت قبل هذا اليوم كنت قد أعنت على نفسي ، فأكل فمرض ( ع ) ، فلما كان من الغد جاءه الطبيب فعرض عليه فرأى خضرة في بطنه وفي راحتيه ، كان السم الذي سم به قد اجتمع في ذلك الموضع فانصرف الطبيب إليهم وقال : والله هو أعلم بما فعلتم به ، فلما كان بعد يوم قبض ( ع ) . هكذا جاء في هذه الرواية والمشهور أنه قد سم في حبس السندي بن شاهك ، وأن هارون الرشيد قد عرض قبل ذلك قتله على جميع أرباب دولته وسعى به إلى من جاحد للصانع فلم يتمكن من ذلك ، فاغتم لذلك غما شديدا إلى أن دنا منه أجله وانقضت أيامه وأحكم الرشيد تدبيره وحيله وقد بلغ به العناد إلى أن يخجله في المجلس كما روي عن علي بن يقطين ( رض ) قال : إن الرشيد استدعى رجلا ليبطل به ما أمر أبي الحسن موسى بن جعفر ، فلما حضرت المائدة وجعلوا يأكلون تناول موسى ( ع ) رغيفا من الخبز فطيره ذلك اللعاب من بين يديه واستفز هارون الفرح والضحك لذلك ، فغضب أبو الحسن موسى ورفع رأسه إلى صورة أسد موضوعة على بعض الستور فقال : يا أسد الله كل عدو الله قال : فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المغرم اللعاب ، فخر هارون مع ندمائه على وجوههم مغشيا عليهم وطارت عقولهم خوفا من هول ما رأوا ، فلما أفاقوا من غشوتهم قال هارون لأبي الحسن ( ع ) : سألتك بحقي عليك إلا ما سألت الصورة أن ترد الرجل فقال ( ع ) : إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعت من حبال القوم وعصيهم فإن