غفال وقد ولاه المنصور على أهلها ، فلما قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد رسول الله ( ص ) فرقى المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : أما بعد : فإن علي بن أبي طالب ( ع ) شق عصا المسلمين وحارب المؤمنين وأراد الامر لنفسه ومنعه من أهله ، فحرمه الله عليه وأماته بغصته ، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الامر من غير استحقاق منهم له ، فهم في نواحي الأرض مقتولون وبالدماء مضرجون ، قال : فعظم هذا الكلام على الناس ولم يجسر منهم أحد أن ينطق بحرف ، فقام إليه رجل عليه إزار قومسي ثخين ، فقال : ونحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين ، أما ما قلت من خير فنحن أهله ، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك أولى به ، فاخسأ يا بن من ركب غير راحلته وأكل غير زاده فارجع مأزورا مذموما مدحورا . ثم أنه ( ع ) أقبل على الناس وقال : ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزانا وأبينهم خسرانا : هو من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق ، فأسكت الناس وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف كأنما ألقم حجرا ، فسألت عن الرجل المتكلم فقيل لي : هذا جعفر بن محمد الصادق ( ع ) . وفي الخرائج عن الرضا ( ع ) قال : جاء رجل إلى جعفر بن محمد ( ع ) : فقال انج بنفسك فهذا فلان بن فلان قد وشا عليك عند المنصور وذكر أنك تأخذ البيعة لنفسك على الناس لتخرج عليه ، فتبسم ( ع ) وقال : يا عبد الله لا ترع فإن الله تعالى إذا أراد إظهار فضيلة كتمت أو حجة جحدت أثار عليها حاسدا باغيا حتى تشاهد فيحركها حتى يبينها ، اقعد معي حتى يأتيني الطلب فتمضي معي إلى هناك تشاهد ما يمضي من قدرة الله تعالى التي لا معزل عنها لمؤمن ، فجاؤوا وقالوا : أجب أمير المؤمنين ، فخرج الصادق ودخل على المنصور وقد امتلأ المنصور عليه غيظا وحنقا ، فقال له : أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين تريد أن تفرق بين جماعتهم وتسعى في هلاكهم وتفسد