وضع يده على صدره ثم نادى بأعلى صوته أنا بقية الله أنا والله بقيته . قال : وكان في أهل مدين شيخ كبير وقد بلغ السن به وأدبته التجارب ، وقد قرأ الكتب وعرفه أهل مدين بالصلاح ، فلما سمع النداء نادى وقال : اطرحوني ، فحمل ووضع في وسط المدينة فاجتمعوا إليه فقال لهم : ما هذا الذي سمعته من فوق الجبل ؟ قالوا : هذا رجل يطلب متاعا فمنعه السلطان من ذلك فحال بينه وبين منافعه ، فقال الشيخ : أتطيعوني ؟ فقالوا : نعم فقال : إن قوم صالح إنما ولي عقر الناقة منهم رجل واحد وعذبوا جميعا على الرضى بفعله وهذا رجل قد قام مقام شعيب ( ع ) ونادى نداء شعيب فارفضوا السلطان وأطيعوني واخرجوا إليه بالسوق واقضوا حاجته وإلا والله لم آمن لكم الهلكة ، قال : ففتحوا الباب وأخرجوا السوق إلى أبي ( ع ) فأخذنا حاجتنا ودخلوا مدينتهم . وكتب عامل هشام إليه بما فعلوه وبخبر الشيخ ، فكتب هشام إلى عامله بحمل الشيخ إليه فحمل فمات في الطريق رحمه الله تعالى . [ والله ما عاد أتت بفعالهم * كلا ولا فرعونها وثمود ] [ لم يجرموا مثل اجترام هشامهم * ويزيدهم قد زاد وهو جحود ] [ ما جاء في دين الاله فويله * قد هان عنه ما جنى نمرود ] [ يا ويلهم حسدا تمكن فيهم * لريائه ما قدماه حسود ] [ قد أظهروا ساداتنا ما قد رأوا * من منكر وعفت بذاك حدود ] [ موسى الكليم يفر من فرعونها * لبلاد مدين فالتقاه سعود ] [ وهشام باقر علمهم ما لم ينج * من طغيانه وبها عراه صعود ] [ فعليهم وعليه لعن دائم * وعلى يزيد والطغاة يزيد ] وفي كتاب المناقب بإسناده قال : لما أشخص أبي ( ع ) إلى دمشق سمع الناس يقولون : هذا من أولاد أبي تراب ( ع ) ، فأسند ظهره إلى جدار مستقبلا القبلة ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ( ص ) ثم قال اجتنبوا أهل الشقاق وذرية النفاق وحشو النار وحطب جهنم ، عن البدر الزاهر والبحر الزاخر