ومنها السجاد ، قال ابنه الباقر ( ع ) : إن أبي علي بن الحسين ما ذكر لله نعمة عليه إلا سجد ، ولا دفع الله تعالى عنه سوءا يخشاه أو كيد كائد إلا سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ، ولا وفق لاصلاح بين اثنين إلا سجد ، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك . ومنها ذو الثفنات . قال أيضا ابنه الباقر : كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتئة ، أي مرتفعة ، وكان ( ع ) يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات فسمي ذو الثفنات لذلك ، إلى غير ذلك من ألقابه الشريفة ، فهو سلام الله عليه كما قال ابنه الباقر ( ع ) فيه : كان أبي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكانت الريح تميله كالسنبلة وقد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، وقد اصفر لونه من السهر ، ورمدت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود ، وورمت ساقاه من القيام ، وفي هذا ما يدل على أنه ( ع ) أفضل الأنام بعد جده وآبائه صفوة الله السلام عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام . وأما مناقبه المنيفة فهي كثيرة لا قدرة لكاتب ولا لعد حاسب على ذكر بعضها ، فلنأتي بنزر قليل منها وأحببت نقل كلام لامام علماء أهل السنة الفحول ، محمد بن طلحة الشامي الشافعي قاله في الباب المعقود لذكره ( ع ) في كتابه مطالب السؤول وهذا لفظه : هذا زين العابدين قدوة الزاهدين وسيد المتقين وإمام المؤمنين ، سمته تشهد له أنه من سلالة رسول الله ، وسمته تثبت مقام قربه من الله زلفا ، وثفناته تسجل بكثرة صلواته وتهجده ، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيما درت له أخلاق التقوى فتفوقها وأشرقت له أنوار التأييد فاهتدى بها ، وألفته أوراد العبادة فأنس بصحبتها ، وحالفته وظائف الطاعة فتحلى بحليتها ، طالما اتخذ الليل مطية ركبها لقطع طرق الآخرة وظمأ الهواجر دليلا استرشد في مسافة المسافرة ، وله من الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرة وثبت بالآثار المتواترة وشهد له بأنه من ملوك الآخرة . انتهى كلامه .