نام کتاب : نهج الإيمان نویسنده : ابن جبر جلد : 1 صفحه : 492
ولعل الله سبحانه وتعالى لما سبق في علمه ما يجري عليه حال علي عليه السلام من كثرة الباغضين والمعاندين ، وما يبلغون إليه من مساواته بمن لا يجري مجراه ، كساه الله من حلل الأنوار وجليل المنار ما يبلغ به إلى غاية تقوم بها الحجة البالغة لله سبحانه وتعالى على الخلائق ، ولا يبقى لهم عذر يعتذرون به في ولاية وليه عليه السلام . وقد جعل الناس في كلامه عليه السلام ثلاث مراتب : قوم أفرطوا في حبه فهلكوا وهم النصيرية ، لكنهم يعتقدون أنه إله يحيي ويميت ويمنع ويرزق ، لما عاينوا من أفعاله الباهرة التي يريد الله تعالى بها أنبياءه وأوصياء أنبيائه ليصح بها صدق دعواهم في النبوة والخلافة ، فلما أهملوا وظيفة النظر في الدليل هلكوا ، حيث شبهوا الصانع بالمصنوع والرب بالمربوب . وقوم أفرطوا في بغضهم حتى نصبوا له العداوة وحاربوه ودفعوه عن مقامه الذي نصبه الله تعالى فيه ونبه عليه بالآيات في كتابه ونص عليه الرسول في مواضع لا تحصى كثرة ، فأفرطوا في بغضه حتى كتموا من النصوص ما قدروا عليه وتوعدوا الناس على نشر مناقبه وسبوه على المنابر وأخذوه ملببا - وفي حديث آخر ترك في عنق علي حبلا أسودا - وقادوه كما يقاد الجمل وأضرموا النار ببيته وسفكوا دماء ذريته الطاهرة . وقوم مقتصدة بين أولئك ، جعلت عليا عليه السلام إماما ولم تتعد به ما جعل الله له . ومعلوم أن المتميز من الأمة قليل والعمى فيها كثير ، وعلى ذلك مضى جمهورها .
492
نام کتاب : نهج الإيمان نویسنده : ابن جبر جلد : 1 صفحه : 492