بالدنيا والآخرة فإن كان ما يريد به منا فاتبعه أو يميل به هوى فدعه ثم ينظر فيما يجئ به يشبه ما تجيء به الناس فإن كان يشبهه قبله العيان وتحيز عليه في الخير وإن كان لا يشبهه فأقبل ما قال وخف ما وعد وفيه أيضا أن شجاع بن وهب لما قدم على جبلة بن الأيهم قال له يا جبلة إن قومك نقلوا هذا النبي الأمي من داره إلى دارهم يعني الأنصار فآووه ومنعوه وإن هذا الدين الذي أنت عليه ليس بدين آبائك ولكنك ملكت الشام وجاورت بها الروم ولو جاورت كسرى دنت بدين الفرس لملك العراق وقد أقر بهذا النبي الأمي من أهل دينك من إن فضلناه عليك لم يغضبك وإن فضلناك عليه لم يرضك فإن أسلمت أطاعتك الشام وهابتك الروم وإن لم يفعلوا كانت لهم الدنيا ولك الآخرة وكنت قد استبدلت المساجد بالبيع والآذان بالناقوس والقبلة بالصليب وكان ما عند الله خير وأبقى وفيه أيضا أن المهاجر بن أبي أمية لما قدم على الحارث بن عبد كلال قال له يا حارث إنك كنت أول من عرض عليه المصطفى نفسه فخطأت عنه وأنت أعظم الملوك قدرا فإذا نظرت في غلبة الملوك فانظر في غالب الملوك وإذا سرك يومك فخف غدك وقد كان قبلك ملوك ذهبت آثارها وبقيت أخبارها عاشوا طويلا وأملوا بعيدا وتزودوا قليلا منهم من أدركه الموت ومنهم من أكلته النقم وأنا أدعوك إلى الرب الذي إن أردت الهدى لم يمنعك وإن أرادك لم يمنعه منك أحد وأدعوك إلى النبي الأمي الذي ليس شيء أحسن مما يأمر به ولا أقبح مما ينهى عنه واعلم أن لك ربا يميت الحي ويحيي الميت ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور