بوصفه إطروحة مواصلة الإمام علي ( عليه السلام ) للقيادة بعد النبي فكريا واجتماعيا وسياسيا على السواء كما أوضحنا سابقا عند استعراض الظروف التي أدت إلى ولادة التشيع ولم يكن بالامكان بحكم هذه الظروف التي استعرضناها - أن يفصل الجانب الروحي عن الجانب السياسي في أطروحة التشيع تبعا لعدم انفصال أحدهما عن الاخر في الاسلام نفسه . فالتشيع إذن لا يمكن أن يتجزأ إلا إذا فقد معناه كأطروحة لحماية مستقبل الدعوة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو مستقبل بحاجة إلى المرجعية الفكرية والزعامة السياسية للتجربة الاسلامية معا . وقد كان هناك ولاء واسع النطاق للامام على ( عليه السلام ) في صفوف المسلمين باعتباره الشخص الجدير بمواصلة دور الخلفاء الثلاثة في الحكم وهذا الولاء هو الذي جاء به إلى السلطة عقيب مقتل الخليفة عثمان [147] ولكن هذا الولاء ليس تشيعا روحيا ولا سياسيا ، لان التشيع يؤمن بعلي كبديل عن الخلفاء الثلاثة وخليفة مباشر للرسول ( صلى الله عليه وآله ) فالولاء الواسع للامام في صفوف المسلمين أوسع نطاقا من التشيع الحقيقي الكامل ، وإن نما التشيع الروحي والسياسي داخل إطار هذا الولاء فلا يمكن أن نعتبره مثالا على التشيع المجزأ . كما أن الإمام علي ( عليه السلام ) يتمتع بولاء
[147] راجع : تاريخ الطبري / ج 2 / ص 696 وما بعدها وراجع أيضا وصف الحالة في خطبة الإمام علي من قوله : ( فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلى ينثالون علي من كل جانب . . . مجتمعين حولي كربيضة الغنم نهج البلاغة / ضبط الدكتور صبحي الصالح / ص 48 - الشقشقية .