( يا أيها الناس من مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان لخليقا بالامارة ، وإن ابنه من لخليق بها ) [128] . وهذان الاتجاهان اللذان بدا الصراع بينهما في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قد انعكسا على موقف المسلمين من إطروحة زعامة الامام للدعوة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) . فالممثلون للاتجاه التعبدي وجدوا في النص النبوي على هذه الأطروحة سببا بقبولها ، دون توقف أو تعديل . وأما الاتجاه الاجتهادي فقد رأى أنه بامكانه أن يتحرر من الصيغة المطروحة من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، إذا أدى اجتهاده إلى صيغة أخرى أكثر انسجاما - في تصوره - مع الظروف . وهكذا ترى أن الشيعة ولدوا منذ وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) مباشرة متمثلين في المسلمين الذين خضعوا عمليا لأطروحة زعامة الامام وقيادته التي فرض النبي الابتداء بتنفيذها من حين وفاته مباشرة ، وقد تجسد الاتجاه الشيعي ، منذ اللحظة الأولى في إنكار ما اتجهت إليه السقيفة من تجميد لأطروحة زعامة الإمام علي ، واسناد السلطة إلى غيره . ذكر الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب قال : ( قلت
[128] راجع الطبقات الكبرى / لابن سعد / ج 2 / ص 248 ، وراجع أيضا الكامل في التاريخ / لابن الأثير / ج 2 / ص 318 / 319 .