فأكب عليه على فكان آخر الناس به عهدا ، فجعل يساره ويناجيه [111] . وقال أمير المؤمنين في خطبته القاصعة الشهيرة ، وهو يصف علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القربية ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل . . . ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل لاثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة . . . " [112] . إن هذه الشواهد ، وشواهد أخرى كثيرة ، تقدم لنا صورة عن ذلك الاعداد الرسالي الخاص الذي كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يمارسه في سبيل توعية الامام على المستوى القيادي للدعوة . كما إن في حياة الإمام علي ( عليه السلام ) بعد وفاة القائد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أرقاما كثيرة جدا تكشف عن ذلك الاعداد العقائدي الخاص للإمام علي ( عليه السلام ) من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ،
[111] السنن الكبرى / النسائي / ج 5 / ص 154 باب 54 ، وراجع الروايد في مختصر تاريخ ابن عساكر / ج 18 / ص 21 . [112] نهج البلاغة / ضبط الدكتور صبحي الصالح / خطبة رقم 192 .